شهدت العاصمة السعودية الرياض إطلاق شراكة دولية واسعة بمشاركة 40 دولة تهدف إلى حماية السواحل اليمنية وتعزيز الأمن البحري بتمويل يصل إلى 4 ملايين دولار. هذه المبادرة الدولية الجديدة تأتي في إطار استراتيجية عشرية طموحة لمواجهة التهديدات المتزايدة التي تفرضها جماعة الحوثي على الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
أعلنت المملكة العربية السعودية تقديم دعم مالي مباشر بقيمة 4 ملايين دولار لتعزيز قدرات خفر السواحل اليمنية، وذلك خلال المؤتمر الدولي الذي نظمته بالشراكة مع المملكة المتحدة. هذا الدعم المالي يشكل جزءاً من حزمة واسعة من التعهدات الدولية التي تشمل التدريب المتخصص وتوفير المعدات الحديثة وبناء القدرات المؤسسية لمواجهة عمليات التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر.
يمثل هذا التحالف الدولي استجابة مباشرة للتحديات الأمنية البحرية الخطيرة التي تهدد الاستقرار الإقليمي وخطوط التجارة الدولية. فالمياه اليمنية تمتد عبر 2500 كيلومتر من السواحل الاستراتيجية، حيث تمر ملايين الأطنان من البضائع والمساعدات الإنسانية الحيوية عبر هذا الممر البحري الحيوي للتجارة العالمية.
أكد وزير الخارجية اليمني الدكتور شائع الزنداني أن الأمن البحري يمثل أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة، مشيداً بعمق الشراكة التاريخية والالتزام الثابت للمملكة العربية السعودية في دعم اليمن. وأشار إلى أن هذا الدعم يمثل استثماراً مباشراً في أمن واستقرار المنطقة بأسرها، خاصة في ظل الاعتداءات المتكررة من مليشيات الحوثي الإرهابية على هذا الممر الاستراتيجي.
كشف السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر عن أن المملكة قررت دعم خفر السواحل اليمنية بـ4 ملايين دولار، فيما ستقدم بقية الدول دعماً فنياً يتعلق بالتدريب والمعدات. وأضاف أن هذا الدعم يأتي في إطار شراكة ستضطلع بالكثير من المهام لدعم خفر السواحل اليمنية، كجزء من دعم المملكة المستمر لليمن وحكومته الشرعية.
تتضمن الاستراتيجية العشرية المعلنة إنشاء أمانة خاصة تدار عبر برنامج المساعدة التقني لليمن لتنسيق الجهود الدولية وضمان وصول الموارد إلى وجهتها المنشودة. هذه الآلية ستركز على تطوير قدرات خفر السواحل اليمني من خلال توفير زوارق دوريات بحرية حديثة لتلبية نداءات الاستغاثة وإحباط عمليات التهريب، إلى جانب أنظمة رادار ساحلية للمراقبة الفعالة ومراكز قيادة متطورة للتنسيق.
أشاد رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية اللواء خالد القملي بالجهود المتميزة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن موقع اليمن الاستراتيجي الفريد عند مضيق باب المندب يمنحه دوراً محورياً ليس فقط في حماية سيادة اليمن، بل أيضاً في تأمين هذا الممر البحري الحيوي للتجارة العالمية. وأضاف أن دعم خفر السواحل اليمنية هو استثمار مباشر في استقرار المنطقة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية ومكافحة التهريب والجريمة المنظمة.
من جانبها، أكدت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف التزام بلادها بدعم خفر السواحل والحكومة اليمنية، مشيرة إلى أن التعهدات السخية التي شهدها المؤتمر تعكس حجم الدعم الدولي لليمن. وأعربت عن امتنانها للمملكة العربية السعودية على دعمها المتواصل وللشركاء الدوليين على مشاركتهم وتعاونهم في هذه المبادرة الحيوية.
يأتي هذا التحرك الدولي في وقت تتعرض فيه الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر وخليج عدن لهجمات متواصلة من الحوثيين منذ نوفمبر 2023، والتي تستهدف بالدرجة الأولى سفن الشحن التجاري العالمية. هذه الهجمات تزامنت مع استمرار إيران في تهريب أسلحتها لجماعة الحوثي، مما يساعد على استمرار الحرب باليمن ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
ثمّن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي الدور الفاعل الذي قامت به المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة في رعاية مؤتمر الأمن البحري، معتبراً أنه يمثل تدشيناً لشراكة نوعية تعزز أمن الممرات المائية وتجديداً للالتزام القوي بمكافحة الإرهاب والتهديدات العابرة للحدود.