تواصل المرأة السعودية كسر القيود المهنية التقليدية بدخولها إلى أحد أكثر المجالات تخصصاً وصعوبة، حيث نجحت مجموعة من السعوديات في مدينة عرعر شمال المملكة في إتقان قيادة معدات ثقيلة متطورة خلال برنامج تدريبي مكثف امتد لعامين كاملين. هذا الإنجاز يمثل نقلة نوعية في تمكين المرأة من الوصول إلى وظائف استخراج المعادن في السعودية التي تُعتبر من أعلى المجالات أجراً في السوق المحلي.
داخل معهد التعدين التقني بمدينة عرعر، تخضع هؤلاء الرائدات لتدريب شامل على تشغيل آليات الحفر والمعدات الضخمة المستخدمة في عمليات استخراج المعادن من باطن الأرض. وتصف المتدربة لاما طلال تجربتها قائلة: "تعرفنا على سوق العمل والغرف التدريبية مطورة بشكل كبير، إذ تضم أربعة أجهزة للتدريب على سطح الأرض وثلاث شاشات للتدريب تحت سطح الأرض، وجميعها أجهزة تحاكي أرض الواقع".
يستغرق البرنامج التدريبي عامين متتاليين يجمع بين الجوانب النظرية والعملية، حيث تتعلم المتدربات التعامل مع تقنيات متطورة تتجاوز بكثير مهارات قيادة المركبات العادية. وتؤكد المتدربة أثير العنزي أهمية هذا التخصص بقولها: "نحتاج إلى تدريب وممارسة أكبر، لأن أي خطأ بسيط قد يسبب مشاكل كبيرة، ومن الآن إلى السنوات المقبلة سيكون قطاع التعدين من أقوى مجالات العمل من حيث الرواتب والمميزات".
تعتمد منهجية التدريب على أحدث تقنيات المحاكاة الافتراضية التي تمنح المتدربات خبرة عملية واقعية دون التعرض للمخاطر الفعلية لمواقع التعدين. هذه التقنيات المتطورة تشمل محاكاة سيناريوهات متنوعة للعمل في ظروف مختلفة، سواء على سطح الأرض أو في أعماق المناجم، مما يضمن إعداد كوادر مؤهلة بأعلى المعايير المهنية.
سعوديات يتدربن على قيادة آليات الحفر والمعدات الثقيلة الخاصة باستخراج المعادن داخل معهد التعدين التقني في مدينة #عرعر شمال #السعودية
عبر:@H_alsufayan pic.twitter.com/kTzaipG2Lt
— العربية السعودية (@AlArabiya_KSA) September 8, 2025
يتطلب تشغيل آليات الحفر والمعدات الثقيلة مستوى عالياً من التركيز والدقة، حيث تتعامل المشغلات مع معدات تزن عشرات الأطنان وتكلف ملايين الريالات. هذا التحدي يتطلب تدريباً مستمراً وخبرة عملية واسعة لضمان السلامة المهنية وتجنب الأخطاء التي قد تؤدي إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة. لذلك يركز المعهد على توفير بيئة تدريبية آمنة تحاكي الظروف الحقيقية للعمل في مواقع التعدين.
تأتي هذه المبادرة ضمن توجه المملكة الاستراتيجي لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في القطاعات الواعدة، خاصة قطاع التعدين الذي يُعتبر أحد الركائز الأساسية لرؤية السعودية 2030. ومع تزايد الاستثمارات في هذا القطاع، تزداد الحاجة إلى كوادر مؤهلة قادرة على تشغيل المعدات المتطورة والتعامل مع التقنيات الحديثة المستخدمة في عمليات الاستخراج والتنقيب.
يُظهر نجاح هؤلاء السعوديات في إتقان هذا التخصص المعقد قدرة المرأة السعودية على تحدي الصعوبات والتفوق في المجالات التقنية المتطورة. هذا الإنجاز لا يقتصر على الجانب المهني فحسب، بل يمثل رسالة قوية حول قدرة المرأة على المساهمة الفعالة في بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة التي تسعى إليها المملكة في إطار رؤيتها الطموحة.