الرئيسية / شؤون محلية / دراسة طبية تكشف: التفاعل مع الأحفاد يخفض خطر الوفاة لدى الأجداد لمدة 20 عاماً
دراسة طبية تكشف: التفاعل مع الأحفاد يخفض خطر الوفاة لدى الأجداد لمدة 20 عاماً

دراسة طبية تكشف: التفاعل مع الأحفاد يخفض خطر الوفاة لدى الأجداد لمدة 20 عاماً

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 08 سبتمبر 2025 الساعة 05:20 مساءاً

كشفت دراسة طبية حديثة عن حقيقة مذهلة حول تأثير العلاقة بين الأجداد وأحفادهم على طول العمر، حيث أثبتت أن كبار السن الذين يقدمون الرعاية لأحفادهم يصبحون أقل عرضة للوفاة بنسبة كبيرة على مدى عقدين كاملين مقارنة بأقرانهم الذين لا يتفاعلون مع الجيل الثالث من عائلاتهم.

وأشارت البحوث العلمية المنشورة في مجلة "التايم" إلى أن المشاركة العاطفية والاجتماعية المرتبطة برعاية الأحفاد تلعب دوراً محورياً في تعزيز صحة الأجداد وإطالة أعمارهم بشكل ملحوظ. هذه النتائج المثيرة تفتح آفاقاً جديدة في فهم كيفية تحقيق شيخوخة صحية ومفعمة بالحيوية.

تؤكد الدكتورة ماريا كارني، رئيسة قسم طب الشيخوخة والرعاية التلطيفية في "نورثويل هيلث"، أن خبرتها الممتدة لثلاثة عقود في رعاية المسنين كشفت عن وجود ارتباط وثيق بين انخراط الأجداد في حياة أحفادهم وازدهار صحتهم النفسية والجسدية. وتوضح كارني أن الأدلة العلمية تدعم ما تشهده بنفسها يومياً من تحسن ملحوظ في حالة كبار السن الذين يتفاعلون بانتظام مع الجيل الأصغر من أسرهم.

من جانبه، يفسر الدكتور كانرامون واتاناسونتورن، المدير الطبي في مركز تحسين الشيخوخة بمستشفى سانت برنارد في شيكاغو، هذه الظاهرة بقوله إن التفاعل مع الأحفاد يمنح الأجداد شعوراً متجدداً بالهدف والمعنى في الحياة. ويضيف أن هذا الإحساس بالأهمية والحاجة يشكل حاجزاً طبيعياً ضد الاكتئاب والعزلة الاجتماعية التي غالباً ما تصاحب مرحلة الشيخوخة.

وفيما يتعلق بالآليات البيولوجية وراء هذه الفوائد، يشير واتاناسونتورن إلى أن التفاعل العاطفي الإيجابي مع الأحفاد يحفز إفراز هرمونات السعادة مثل الأوكسيتوسين والإندورفين في أجسام الأجداد. هذه الهرمونات الطبيعية تلعب دوراً مهماً في تحسين المزاج وتقوية جهاز المناعة وتعزيز الشعور بالرفاهية العامة.

كما تكشف الدراسات أن علاقة الأحفاد بالأجداد تحفز النشاط البدني بطرق متنوعة، سواء من خلال اللعب في الحدائق أو ممارسة الأنشطة الحركية المختلفة أو حتى مجرد الحركة بوتيرة أسرع لمواكبة طاقة الصغار. وتؤكد الدكتورة كارني أن هذا النشاط البدني المتزايد لا يساعد فقط في الحفاظ على صحة العظام والمفاصل، بل يعمل أيضاً كعلاج طبيعي فعال للاكتئاب وتحسين الحالة المزاجية العامة.

على الصعيد الذهني والمعرفي، يوضح الخبراء أن التفاعل مع الأحفاد يتطلب من الأجداد تعلم مهارات جديدة والتكيف مع التقنيات الحديثة والمشاركة في أنشطة تحفز الدماغ مثل اللعب التخيلي وحل المشكلات. هذا التحدي الذهني المستمر يساهم في الحفاظ على حدة الوظائف الإدراكية ويقلل من خطر التدهور المعرفي المرتبط بالعمر.

وتشير البحوث إلى أن الأجداد، وخاصة النساء منهم، يظهرون قدرات إدراكية متفوقة مقارنة بأقرانهم الذين لا يتفاعلون مع أحفاد. هذا الاكتشاف يسلط الضوء على الأهمية الخاصة للعلاقة بين الجدات وأحفادهن في الحفاظ على الصحة العقلية والذهنية.

من ناحية أخرى، تبرز الدراسة أن وجود الأحفاد في حياة الأجداد يوسع دائرة علاقاتهم الاجتماعية بشكل طبيعي. فعندما يمارس الأجداد أنشطة مع أحفادهم، يجدون أنفسهم متصلين بمجتمعات وأشخاص جدد، مما يثري تجربتهم الاجتماعية ويقلل من مخاطر العزلة التي تهدد كبار السن.

يؤكد الدكتور ويليام هونغ، أستاذ طب الشيخوخة في كلية إيكان للطب، أن الأبحاث تظهر بوضوح أن الأجداد الذين لديهم أحفاد يتمتعون بمستويات أعلى من السعادة والرضا عن الحياة، كما يعانون من مشاعر وحدة أقل مقارنة بمن لا يملكون هذه العلاقة المميزة.

وفي السياق ذاته، تشدد الدكتورة كارني على أن الأنشطة المشتركة بين الأجداد والأحفاد، مثل قراءة القصص واللعب والنزهات، تخلق فرصاً لبناء ذكريات إيجابية تدوم مدى الحياة. هذه التجارب المشتركة لا تقتصر فوائدها على الحاضر، بل تمتد لتشكل مصدراً دائماً للسعادة والدعم النفسي للأجداد في سنواتهم المتقدمة.

ختاماً، تؤكد هذه الدراسات الرائدة أن الاستثمار في العلاقات العائلية متعددة الأجيال ليس مجرد قيمة اجتماعية نبيلة، بل استراتيجية علمية مثبتة لتحقيق طول العمر والصحة الجيدة. والأمر الأكثر إثارة أن هذا "الدواء" الطبيعي متاح للجميع ولا يتطلب سوى الحب والوقت المخصص للعائلة.

شارك الخبر