حقق التبادل التجاري بين السعودية وسلطنة عُمان نمواً استثنائياً بنسبة 35.7% في الصادرات الصناعية العُمانية، ليصل إجمالي حجم التبادل إلى 5.6 مليار دولار بنهاية عام 2024، بينما شهدت العاصمة مسقط توقيع شراكات صناعية استراتيجية جديدة تهدف إلى تعميق التكامل الاقتصادي بين البلدين الشقيقين.
وأكد قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، خلال استقباله للبعثة التجارية السعودية في مسقط، أن هذا النمو المتسارع يعكس عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين، مشيراً إلى أن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً لتهيئة بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات المشتركة.

بلغت قيمة الصادرات الصناعية العُمانية إلى المملكة 1.39 مليار دولار بنهاية النصف الأول من عام 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، مما يؤكد الزخم المتزايد في العلاقات التجارية. هذا النمو الملحوظ يأتي في إطار سعي البلدين لتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040 ورؤية المملكة 2030، اللتين تحملان أهدافاً مشتركة لتنويع الاقتصاد وتحفيز الابتكار.
شملت اللقاءات الثنائية التي نُظمت بالتعاون مع هيئة تنمية الصادرات السعودية قطاعات حيوية متعددة، أبرزها البناء والأغذية والتعبئة والتغليف والقطاع الطبي. وقد ركزت المباحثات على استكشاف الفرص الاستثمارية المجدية وتعزيز التجارة البينية، بمشاركة واسعة من المصانع العُمانية والسعودية وأصحاب الأعمال من الجانبين.
وأوضح المهندس خالد بن سليم القصابي، مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن التعاون مع المملكة يفتح مجالات واسعة لبناء شراكات صناعية نوعية وتطوير مشاريع قادرة على المنافسة إقليمياً ودولياً، مؤكداً أن هذه اللقاءات تمثل نقطة انطلاق نحو تكامل صناعي مستدام يعزز القيمة المضافة للمنتجات الوطنية.

شهدت الفعاليات توقيع مذكرات تعاون استراتيجية بين شركات عُمانية ونظيراتها السعودية، هدفت إلى تطوير شراكات في مجالات متعددة وتبادل الخبرات وفتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية. هذه الاتفاقيات تسهم في تعزيز التكامل الصناعي وزيادة التبادل التجاري، مما يدعم جهود البلدين في تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود.
من جانبه، أكد عبد الله بن هلال البرواني من مدينة خزائن الاقتصادية أن المشاركة في هذا اللقاء تهدف بشكل رئيسي إلى بحث سبل التعاون مع المؤسسات السعودية لجلب وتوطين الصناعات في سلطنة عُمان، خاصة في قطاعات البناء والصناعات الغذائية والتحويلية، مشيراً إلى الاستفادة من قرب السوق السعودي والتجارب التي يواجهها المستثمرون هناك.
وأشار محمد بن صبر الوهيبي، رائد الأعمال العُماني العامل في مجال التعبئة والتغليف، إلى تبادل الأفكار والمنتجات مع الشركات السعودية والاستفادة المتبادلة من التجارب في البلدين، مؤكداً رؤية منتجات يمكن تصنيعها في سلطنة عُمان مما يفتح آفاق تعاون صناعي حقيقي.
كما عبّر رائد بن يوسف الدوسري من مصنع قطع غيار المطاط السعودي عن الاهتمام الواسع الذي أبداه رجال الأعمال العُمانيون، مشيراً إلى مناقشة إنشاء منصات مشتركة بين السوقين العُماني والسعودي لتعزيز التعاون التجاري، رغم التحدي الرئيسي المتمثل في ارتفاع تكلفة الشحن بين البلدين.
تأتي هذه التطورات في إطار مساعي وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانية لتحقيق أهداف الاستراتيجية الصناعية 2040، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الصناعي وتوسيع مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني من خلال دعم الصناعات التحويلية وتشجيع الاستثمارات المشتركة وتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية.
ويُذكر أن هذا النمو الاستثنائي في طريق السعودية عمان التجاري يؤكد نجاح الجهود المبذولة لتعزيز الشريان الاقتصادي السعودي العماني، والذي يشكل نموذجاً يُحتذى به في التكامل الاقتصادي الخليجي ويعزز من القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق الإقليمية والعالمية، بما يسهم في ترسيخ مكانة البلدين كوجهتين صناعيتين واعدتين في المنطقة.