كشفت صفقة انتقال إيزاك إلى نادي ليفربول الإنجليزي بقيمة 130 مليون جنيه إسترليني عن تفاصيل مالية استثنائية تُظهر كيف تستفيد الأندية الصغيرة من انتقالات النجوم الكبار، حيث خصص مبلغ 5 ملايين جنيه كـ"مدفوعات تضامنية" للأندية التي ساهمت في تطوير اللاعب منذ سن 12 وحتى 23 عاماً.
تمثل "مدفوعات التضامن" آلية عادلة وضعتها الفيفا لضمان حصول الأندية التي استثمرت في تطوير المواهب الشابة على نصيب عادل من عائدات انتقال هؤلاء اللاعبين لاحقاً. وفي حالة إيزاك، توزعت هذه المدفوعات على أربعة أندية رئيسية شكلت محطات مهمة في مسيرته الكروية.
حصل أيك سولنا السويدي، النادي الأم للاعب، على حصة من المدفوعات التضامنية نظراً لدوره في اكتشاف وصقل موهبة إيزاك في مراحله الأولى. كما استفاد ريال سوسيداد الإسباني من هذا النظام بعد أن ساهم في تطوير قدرات اللاعب خلال فترة وجوده في صفوفه، بينما نال بروسيا دورتموند الألماني نصيبه أيضاً كأحد المحطات المهمة في رحلة إيزاك الاحترافية.
الجانب الأكثر إثارة في هذه الصفقة يكمن في مصدر تمويل مدفوعات التضامن، حيث لم تأت هذه المبالغ من خزينة ليفربول، بل من مكافأة كان إيزاك سيحصل عليها من ناديه السابق نيوكاسل. تنازل اللاعب عن هذه المكافأة في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات لتسهيل عملية انتقاله وضمان حصول الأندية التي ساهمت في تكوينه على حقوقها المالية.
تُبرز صفقة إيزاك النموذج المثالي لكيفية عمل النظام المالي في كرة القدم الحديثة، حيث لا تقتصر الفوائد على النادي البائع والمشتري فحسب، بل تمتد لتشمل جميع الأندية التي استثمرت في اللاعب خلال مراحل تطوره. هذا النظام يشجع الأندية الصغيرة على الاستثمار في أكاديميات الشباب وبرامج تطوير المواهب، مع ضمان عائد مالي مستقبلي عند نجاح هذه الاستثمارات.
يعكس هذا النهج التطور الإيجابي في فلسفة كرة القدم الاحترافية، حيث تُقدر جهود جميع الأطراف التي ساهمت في صناعة النجم. فبدلاً من حصر الفوائد المالية على النادي الأخير الذي يبيع اللاعب، يضمن نظام مدفوعات التضامن توزيع العائدات بطريقة أكثر عدالة تعكس الجهود التراكمية المبذولة في تطوير الموهبة.
تتجاوز أهمية هذا النظام الجانب المالي المباشر، حيث يساهم في تعزيز استدامة الأندية الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على تطوير وبيع المواهب كمصدر دخل أساسي. كما يحفز الاستثمار طويل المدى في البنية التحتية للشباب، مما يرفع مستوى كرة القدم بشكل عام ويضمن تدفق مستمر للمواهب الجديدة.
من جانب آخر، تُظهر غاية السعودية كيف أن تنازل إيزاك عن مكافأته الشخصية لصالح تسهيل الانتقال وضمان حقوق الأندية السابقة يعكس روح الرياضة والمسؤولية الاجتماعية لدى اللاعبين المحترفين. هذا السلوك النبيل يضع معياراً جديداً للاعبين في كيفية التعامل مع الانتقالات بطريقة تراعي مصالح جميع الأطراف.
تُعتبر صفقة إيزاك نموذجاً يُحتذى به في عالم الانتقالات، حيث تجمع بين تحقيق أهداف اللاعب المهنية وضمان العدالة المالية للأندية التي ساهمت في رحلته. هذا النهج الشامل يعزز من قيم التضامن والمسؤولية المجتمعية في كرة القدم، ويضع أساساً قوياً لمستقبل أكثر عدالة واستدامة في عالم الرياضة الاحترافية.