أقر مجلس الوزراء السعودي، في جلسته الأسبوعية التي عُقدت اليوم الثلاثاء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تشكيل مجلس أمناء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية لمدة ثلاث سنوات، برئاسة ولي العهد ذاته، وذلك ضمن حزمة من 14 قراراً متنوعاً يعكس التوجهات الاستراتيجية للمملكة في المرحلة الراهنة.
يمثل هذا القرار خطوة محورية في ترسيخ مكانة السعودية كعاصمة عالمية للرياضات الإلكترونية، حيث يأتي في إطار الجهود المستمرة لتحويل المملكة إلى مركز جذب دائم للاعبين والمستثمرين والشركات العالمية في قطاع الألعاب الإلكترونية. ويؤكد تولي ولي العهد رئاسة المجلس شخصياً على الأهمية الاستراتيجية التي توليها القيادة السعودية لهذا القطاع الحيوي والمتنامي.
تشهد صناعة الرياضات الإلكترونية في المملكة نمواً متسارعاً خلال الأعوام الأخيرة، حيث نجحت في استضافة بطولات عالمية كبرى مثل Gamers8 الذي يُعد من أضخم الأحداث العالمية في هذا المجال. هذا النجاح المتراكم يُعزز من الثقة في قدرة المملكة على قيادة هذا القطاع الاقتصادي الواعد، الذي بات يُقدر بمليارات الدولارات عالمياً ويشكل جسراً مهماً لجذب الاستثمارات وخلق فرص عمل نوعية.
سيضطلع المجلس الجديد بمهام رئيسية في رسم السياسات العامة للمؤسسة والإشراف على تنظيم البطولات وتطوير البنية التحتية المطلوبة لمواكبة الطموحات الوطنية في هذا القطاع. كما يُتوقع أن يركز على دعم الكفاءات السعودية الشابة وتمكينها من المنافسة على المستوى العالمي، إضافة إلى تعزيز التعاون مع شركات الألعاب الكبرى والمؤسسات الاستثمارية الدولية لضمان بناء صناعة متكاملة ومستدامة.
ويتماشى قرار تشكيل مجلس أمناء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية مع أهداف رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي.
جاءت القرارات الأخرى التي أقرها المجلس متنوعة ومتكاملة، حيث وافق على الوثيقة المحدثة للاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، والتي تُعبر عن التزام المملكة بالحفاظ على البيئة البحرية كجزء من مبادراتها البيئية الطموحة. كما أقر المجلس قواعد تحديد درجات إركاب الموظفين والعاملين في الأجهزة العامة من مدنيين وعسكريين، في خطوة تهدف إلى ترشيد الإنفاق وتنظيم المزايا الوظيفية بشكل أكثر عدالة وكفاءة.
شملت القرارات أيضاً الموافقة على مذكرات تفاهم واتفاقيات دولية متعددة، منها مذكرة التعاون في مجال الثروة المعدنية مع المملكة المتحدة، ومذكرة التفاهم مع الهند في مجال أنشطة الفضاء للأغراض السلمية، واتفاقيتين في مجال خدمات النقل الجوي مع ليبيريا والإكوادور. هذه الاتفاقيات تعكس استراتيجية المملكة في توسيع نطاق شراكاتها الدولية وتعزيز مكانتها في مختلف القطاعات الاقتصادية والتقنية.
كما أقر المجلس مذكرات تفاهم مع أوزبكستان في مجال مكافحة الفساد، ومع أذربيجان للتعاون في وقاية النبات والحجر النباتي، إضافة إلى اعتماد نموذج استرشادي للتعاون في مجال حقوق الإنسان مع الدول الأخرى. وفي الشأن الداخلي، حدد المجلس النطاق الجغرافي لمحمية مجامع الهضب واعتمد الحساب الختامي لجامعة الباحة.
على صعيد الترقيات الحكومية، وافق المجلس على ترقية علي بن عبدالمحسن المليحان إلى وظيفة سفير بوزارة الخارجية، وترقية سلطان بن إبراهيم المزروع إلى وظيفة مستشار أول أعمال بالمرتبة الخامسة عشرة، إضافة إلى ترقيتين أخريين بالمرتبة الرابعة عشرة في وزارة الداخلية والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي بداية الجلسة، أطلع ولي العهد المجلس على مضمون الرسالة التي تلقاها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلى فحوى استقباله لنائب رئيس دولة فلسطين حسين الشيخ، مما يعكس استمرار الدبلوماسية السعودية النشطة على المستويين الإقليمي والدولي.
واستعرض المجلس الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجهود السعودية المستمرة مع المجتمع الدولي لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة وإدخال المساعدات الإغاثية. كما أكد أهمية البيان المشترك مع إيطاليا الذي جدد الالتزام بتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط والدعوة للوقف الفوري للحرب في غزة.
وثمّن المجلس رعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز للنسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار المقرر عقده في الرياض من 27 إلى 30 أكتوبر تحت عنوان "مفتاح الازدهار"، والذي يهدف إلى تعزيز سبل توظيف الاستثمار في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للإنسانية.