أصدر البنك المركزي اليمني قراراً بالموافقة على 91 طلباً للمصارفة والتغطية الخارجية للواردات بقيمة إجمالية تجاوزت 39.7 مليون دولار، وذلك وسط حملة صارمة شهدت إغلاق عدة شركات صرافة مخالفة في محافظات مختلفة من البلاد.
جاءت موافقة اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات خلال اجتماعها الأحد 17 أغسطس 2025 بمقر البنك المركزي في عدن، برئاسة وزير الصناعة والتجارة محمد الأشول وحضور محافظ البنك المركزي أحمد غالب عبر الاتصال المرئي.
تأتي هذه الموافقة على طلبات الواردات في ظل تصاعد حاد في الإجراءات الرقابية ضد شركات الصرافة المخالفة، حيث أصدر محافظ البنك المركزي أحمد غالب قراراً برقم 24 لعام 2025 بإيقاف التراخيص الممنوحة لمنشأة حامد الجرو للصرافة ومنشأة علوي البيضاني للصرافة وإغلاق مقراتهما نهائياً.
أوضحت اللجنة أن الطلبات المعتمدة للواردات وردت من 15 بنكاً و3 شركات صرافة خلال الفترة من 10 إلى 14 أغسطس الجاري، وفق الآلية التنفيذية المعتمدة والضوابط المحددة من البنك المركزي. وقد شملت هذه الموافقات تغطية واردات سلعية أساسية تهدف لتلبية احتياجات المواطنين في مختلف المحافظات اليمنية.
في السياق ذاته، شهدت محافظة مأرب تطبيق إجراءات مماثلة، حيث ألزمت لجنة متابعة تنفيذ قرارات البنك المركزي جميع شركات الصرافة بإغلاق الحسابات الحكومية لديها ونقلها إلى البنك المركزي، مع فرض إجراءات قانونية صارمة ضد المتخلفين عن تنفيذ هذه التوجيهات.
تصاعدت حدة الصراع النقدي عندما أصدر البنك المركزي في عدن تعميماً عاجلاً يمنح شركات الصرافة مهلة 3 أيام فقط لإغلاق جميع حسابات الجهات الحكومية وتحويل أموالها إليه، واصفاً احتفاظ هذه الشركات بأموال حكومية بأنه "نشاط غير قانوني يتجاوز النطاق المصرح به لأعمال الصرافة".
لكن هذا القرار واجه رداً عنيفاً من جماعة الحوثي المسيطرة على فرع البنك المركزي في صنعاء، التي أسرعت لإصدار تعميم مضاد يحظر على المؤسسات المصرفية وشركات التحويلات تقديم أي طلبات رسمية إلى الجهات الحكومية في مناطق الحكومة الشرعية. ووصف التعميم الحوثي قرارات البنك المركزي في عدن بأنها "تصعيد اقتصادي" و"حصار اقتصادي".
كما أصدر البنك المركزي قراراً آخر برقم 17 لسنة 2025 بإيقاف الترخيص الممنوح لإحدى شركات الصرافة وإغلاق مقرها بشكل نهائي، وذلك بناءً على مخالفات صريحة للقوانين والأنظمة، منها قانون البنك المركزي رقم 14 لسنة 2000، وقانون تنظيم أعمال الصرافة رقم 15 لسنة 1996، إضافة إلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 1 لسنة 2010.
يشكل الصراع على السيطرة المالية والنقدية أحد أبرز محاور الحرب الاقتصادية في اليمن، حيث تسعى كل سلطة لفرض هيمنتها على المؤسسات المصرفية والمالية في مناطق نفوذها. وتواجه الحكومة الشرعية تحديات جمة في إدارة الاقتصاد اليمني المنهار، وسط نقص حاد في العملة الصعبة وتراجع الإيرادات الحكومية.
تهدف إجراءات تنظيم الواردات والحملة على شركات الصرافة المخالفة إلى ضبط سوق الاستيراد وتعزيز الكفاءة في إدارة الموارد الاقتصادية المحدودة، من خلال توفير آليات شفافة لتغطية الواردات السلعية الأساسية ومنع المضاربات غير المشروعة بالعملة الوطنية.
تعكس هذه التطورات محاولة جدية من البنك المركزي في عدن لاستعادة السيطرة على القطاع المصرفي وتنظيم تدفقات العملة الأجنبية، رغم المقاومة الشديدة من مليشيا الحوثي التي تسيطر على معظم المؤسسات المالية في شمال البلاد. كما تبرز الحاجة الماسة للسلع الأساسية في اليمن، وسط أزمة اقتصادية خانقة تجعل البلاد تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد لتلبية احتياجات مواطنيها.