أثار تصريح خبير الأرصاد السعودي الدكتور خالد الزعاق جدلاً واسعاً حول دقة التقويم الميلادي المعتمد عالمياً، حين أشار إلى أن إثيوبيا تحتفل حالياً بعام 2017 بينما العالم يعيش في عام 2025، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول إمكانية وجود خطأ فلكي دام أربعة قرون قد يجعل السنة الحقيقية هي 2028 وليس 2025.
التقويم الميلادي الذي نستخدمه اليوم، والمعروف بالتقويم الغريغوري، نشأ من إصلاحات تاريخية متعددة بدأت في عهد الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد. النظام الأصلي، المسمى بالتقويم اليولياني، اعتمد على سنة طولها 365.25 يوماً مع إضافة يوم كل أربع سنوات، لكنه لم يحقق الدقة المطلوبة لمواكبة السنة الشمسية الحقيقية.
في عام 1582، تدخل البابا غريغوري الثالث عشر لإصلاح هذا الخلل الحسابي بحذف عشرة أيام كاملة من التقويم وإعادة ضبط قواعد السنوات الكبيسة. هذا التعديل الجذري أدى إلى ولادة التقويم الغريغوري المستخدم حالياً، لكن الإشكالية الأساسية تكمن في تحديد نقطة البداية الحقيقية للتقويم الميلادي.
الجذر الحقيقي للمشكلة يعود إلى القرن السادس الميلادي، عندما وضع الراهب ديونيسيوس إكسيغوس الأساس الزمني للتقويم الميلادي معتقداً أنه يبدأ من سنة ميلاد المسيح عليه السلام. غير أن الأدلة التاريخية المعاصرة تشير إلى أن الملك هيرودس، المذكور في النصوص الدينية المتعلقة بقصة الميلاد، توفي فعلياً عام 4 قبل الميلاد، مما يعني أن المسيح وُلد قبل التاريخ المعتمد رسمياً بنحو أربع إلى ست سنوات.
هذا الخطأ في الحسابات التاريخية الأساسية يقود إلى استنتاج مذهل: قد تكون السنة الحالية فعلياً 2028 أو 2029 وفقاً للتاريخ الحقيقي لميلاد المسيح، وليس 2025 كما هو متفق عليه دولياً. المرصد برس وغيره من المصادر الإعلامية تناولت هذه القضية المثيرة للجدل.
إثيوبيا تقدم نموذجاً حياً لهذا التباين الزمني، حيث تتبع تقويماً فريداً يستند إلى تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية ويبدأ عامها الجديد في الحادي عشر من سبتمبر. هذا النظام الإثيوبي مكون من ثلاثة عشر شهراً ويختلف عن التقويم الغريغوري بفارق يتراوح بين سبع إلى ثماني سنوات، مما يجعل إثيوبيا تحتفل الآن بعام 2017 بينما العالم في 2025.
يرجع الاختلاف في التقويم الإثيوبي إلى رفض الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية اعتماد التعديلات التي أقرتها الكنيسة الرومانية في القرن السادس الميلادي. هذا الموقف جعل إثيوبيا تحافظ على تقويمها الأصلي الذي يعكس حساباتها الخاصة لتاريخ ميلاد المسيح ونظامها الديني المتميز.
الدكتور الزعاق أوضح في تصريحاته أن "الخطأ في التقويم الميلادي يصل إلى أربع سنوات بالنقص"، مشيراً إلى أن عدة دول أفريقية اختارت الحفاظ على تقاويمها المحلية رغم التباين مع النظام العالمي. هذا التنوع في أنظمة التوقيت يعكس عمق التداخل بين العلم والدين والثقافة في تشكيل مفاهيمنا الأساسية عن الزمن.
الموضوع يحمل تداعيات أوسع تتجاوز مجرد الحسابات الفلكية، حيث يسلط الضوء على نسبية مفهوم الزمن وكيف أن النظم التي نعتبرها مسلّمات قد تكون نتاج اجتهادات بشرية قابلة للخطأ. هذا الجدل يدفعنا للتساؤل عن مدى دقة المعايير الزمنية التي نبني عليها حياتنا اليومية ونظمنا الاجتماعية والاقتصادية.
رغم هذه التباينات والجدل المثار، يبقى التقويم الميلادي الغريغوري هو المعيار العالمي المعتمد في التوثيق الرسمي والمعاملات الدولية. لكن كم يبلغ عدد المسلمين في اثيوبيا لعام 2023 وغيرها من الدراسات تؤكد أن التنوع الثقافي والديني يلعب دوراً مهماً في تشكيل التصورات الزمنية المختلفة عبر العالم، مما يجعل قضية دقة التقويم الميلادي موضوعاً يستحق المزيد من البحث والتمحيص العلمي.