في أسواق صنعاء، تتكدس سلال المانجو الملونة ذات الرائحة العطرة النفاذة، لكن وجوه البائعين تعكس قصة أخرى تمامًا. فالسلة الواحدة التي تزن 20 كيلوغرامًا من هذه الفاكهة الشهية تباع الآن بألفي ريال يمني "قديم" فقط، في مشهد غير مسبوق يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
ليس المانجو وحده من يشهد هذا الانهيار، فالبطاطس والبصل أيضًا يباعان بأسعار متدنية للغاية، مما يرسم صورة قاتمة للوضع الزراعي في يمن يئن تحت وطأة أزمات متراكمة.
تدهور الأوضاع الاقتصادية:
تتجول في أسواق صنعاء هذه الأيام لتجد أن القدرة الشرائية للمواطنين قد وصلت إلى مستويات متدنية بشكل مثير للقلق.
ووفقًا لمصادر محلية، يمكن تتبع جذور المشكلة إلى استمرار توقف صرف رواتب موظفي الدولة، مما أدى إلى شلل في الحركة الاقتصادية العامة.
هذا الوضع انعكس بشكل مباشر على الطلب في السوق المحلية، حيث أصبح المواطنون يقتصرون في مشترياتهم على الضروريات القصوى، تاركين وراءهم سلعًا كانت في السابق من الكماليات المتاحة مثل المانجو الذي يعتبر من الفواكه المميزة في اليمن.
خسائر فادحة يتكبدها المزارعون:
في الجانب الآخر من المعادلة، يقف المزارعون اليمنيون أمام معضلة حقيقية. تشير المصادر المحلية إلى أن تكلفة زراعة وإنتاج هذه المحاصيل تتجاوز بكثير ما يحصلون عليه من عائدات البيع.
فالمزارع الذي كان ينتظر موسم المانجو ببالغ الأمل، يجد نفسه اليوم يبيع محصوله بسعر لا يغطي حتى تكاليف العمالة والري والمبيدات.
يضاف إلى ذلك غياب أي نوع من أنواع الدعم الحكومي أو التعويضات التي يمكن أن تخفف من وطأة هذه الخسائر، مما يضع مستقبل القطاع الزراعي في اليمن على المحك، حسبما أكدته المصادر ذاتها.
الأزمة المركبة في الأسواق الزراعية
لا يمكن فصل ما يحدث في أسواق المنتجات الزراعية عن السياق العام للأزمة اليمنية المتشعبة.
فبحسب ما تؤكده المصادر المطلعة، تعاني الأسواق الزراعية من مشكلات متعددة الأبعاد تتمثل في انهيار النظام الاقتصادي، وانعدام السياسات الزراعية الفعالة، واستمرار الصراع الذي يقطع طرق الإمداد ويعيق حركة التجارة.
هذا المزيج المعقد من التحديات يهدد الأمن الغذائي في بلد يعاني أصلاً من أزمات إنسانية متفاقمة، ويضع سلامة الملايين على المحك في ظل نظام غذائي هش يزداد وهنًا يومًا بعد يوم.
ويحذر مراقبون من أن ما يحدث في أسواق المانجو والمنتجات الزراعية الأخرى في اليمن ليس مجرد قصة انخفاض أسعار موسمية، بل هو جرس إنذار يدق مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ القطاع الزراعي.
مؤكدين أنه بدون استراتيجيات واضحة لدعم المزارعين وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، سيستمر تدهور الإنتاج الزراعي، مما سيؤدي حتمًا إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي.
وتبقى الحقيقة الصارخة أن ألفي ريال مقابل سلة مانجو تزن 20 كيلوغرامًا ليست قصة رخص أسعار يمكن الاحتفاء بها، بل هي مؤشر مقلق على اقتصاد ينهار وقطاع زراعي يحتضر في صمت.. !