الرئيسية / شؤون محلية / كيف يستقبل اليمنيون رمضان وسط تدهور الريال وارتفاعات جنونية لأسعار السلع الغذائية وانحسار المعونات؟..أرقام وبيانات صادمة !
كيف يستقبل اليمنيون رمضان وسط تدهور الريال وارتفاعات جنونية لأسعار السلع الغذائية وانحسار المعونات؟..أرقام وبيانات صادمة !

كيف يستقبل اليمنيون رمضان وسط تدهور الريال وارتفاعات جنونية لأسعار السلع الغذائية وانحسار المعونات؟..أرقام وبيانات صادمة !

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 22 فبراير 2025 الساعة 12:10 مساءاً

في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة، يعيش اليمنيون يومياتهم في مواجهة واقع معيشي يزداد تعقيدًا. تدهور الريال اليمني، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وانحسار المعونات الإنسانية، كلها عوامل اجتمعت لتلقي بظلالها الثقيلة على حياة الملايين في هذا البلد الذي يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ومع غياب حلول ملموسة، يبقى المواطن اليمني في صراع دائم لتأمين لقمة العيش، على بعد أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك.

من صنعاء إلى تعز، ومن مناطق سيطرة الحكومة الشرعية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، تتشابه المعاناة اليومية، وإن اختلفت التفاصيل. المواطنون يواجهون ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، تآكلًا في القدرة الشرائية، وانعدامًا في فرص العمل، بينما تتلاشى المساعدات الإنسانية التي كانت تمثل طوق نجاة للكثيرين.

في هذا التقرير، نستعرض عبر تحليل اقتصادي قائم على البيانات كيف أثرت هذه العوامل على الاقتصاد المحلي، ونناقش انحسار المعونات الإنسانية، ونقدم رؤى حول الحلول الممكنة لإنقاذ الوضع الاقتصادي في اليمن.

تدهور الريال اليمني وتأثيره على الاقتصاد المحلي

شهد الريال اليمني انهيارًا غير مسبوق، حيث وصل سعر الدولار إلى نحو 2300 ريال في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، بينما استقر عند حدود 535 ريالًا في مناطق سيطرة الحوثيين. هذا التفاوت الكبير يعكس حالة الانقسام الاقتصادي التي يعيشها اليمن، ويزيد من تعقيد المشهد العام. في ظل هذا التدهور، ارتفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات خيالية، مما جعلها بعيدة عن متناول الكثير من الأسر.

في مناطق الحكومة الشرعية، تآكلت القدرة الشرائية للمواطنين بشكل ملحوظ، حيث أصبح شراء المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والزيت تحديًا يوميًا. وأكد خبراء اقتصاديون أن انهيار العملة المحلية هو أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، مما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين.

أما في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن الركود الاقتصادي يزداد حدة، مع غياب السيولة النقدية وارتفاع الأسعار بشكل مستمر. ورغم استقرار سعر الدولار هناك مقارنة بمناطق الحكومة، إلا أن الأزمة الاقتصادية تتفاقم بسبب القيود المفروضة على النشاط التجاري وانعدام الرواتب المنتظمة.

وأشار الناشط الإنساني عبد الله البركاني إلى أن المواطنين في عموم اليمن باتوا يقلصون وجباتهم اليومية من ثلاث وجبات إلى وجبتين فقط، في محاولة للتكيف مع الوضع الاقتصادي المتدهور. هذا التدهور أثر بشكل كبير على قدرة الناس على توفير الاحتياجات الأساسية.

ومع استمرار انهيار العملة، يطالب الخبراء بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لكبح جماح التدهور الاقتصادي، بما في ذلك ضبط السياسة النقدية، ومنع المضاربات المالية، وتوجيه الموارد نحو دعم الإنتاج المحلي.

انحسار المساعدات الإنسانية وتفاقم الأزمة الغذائية

تعد المساعدات الإنسانية شريان حياة لملايين اليمنيين، لكن انحسارها في السنوات الأخيرة ساهم في تفاقم الأزمة الغذائية. وفقًا لتقرير برنامج الغذاء العالمي، يعاني 67% من الأسر في مناطق الحكومة الشرعية و63% في مناطق الحوثيين من نقص حاد في الغذاء، مما يعكس اتساع دائرة الجوع في البلاد.

الأمم المتحدة أعلنت أن 19.5 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى مساعدات وحماية أساسية في عام 2025، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك، فإن خطة الاستجابة الإنسانية تسعى لتوفير مساعدات لـ10.5 ملايين شخص فقط، مما يترك نحو 9 ملايين شخص دون دعم.

هذا الانحسار في المساعدات يعزى جزئيًا إلى نقص التمويل، حيث قدم المانحون 1.4 مليار دولار فقط خلال عام 2024، وهو ما يمثل نصف المبلغ المطلوب. كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على بعض البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين زادت من تعقيد إيصال المساعدات إلى المستحقين.

ومع انقطاع المساعدات، تتفاقم معاناة المواطنين الذين كانوا يعتمدون عليها لتأمين احتياجاتهم الأساسية. ووفقًا لما صرح به المواطن موسى محمد صالح، فإن انقطاع المساعدات تسبب في كارثة كبيرة، حيث باتت العديد من الأسر على مقربة من المجاعة.

الحلول المقترحة لإنقاذ الاقتصاد اليمني

في ظل هذا الوضع المتأزم، يرى الخبراء أن الحلول تتطلب تدخلات عاجلة وشاملة. أولى هذه الحلول تتمثل في كسر حالة الجمود السياسي والتوصل إلى اتفاق شامل يضع حدًا للصراع المستمر. فبدون استقرار سياسي، سيظل الاقتصاد اليمني يعاني من التدهور.

على الصعيد الاقتصادي، يشدد الخبراء على ضرورة ضبط السياسة النقدية لكبح تدهور العملة المحلية. يمكن تحقيق ذلك من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربات المالية، وتوجيه الموارد نحو دعم الإنتاج المحلي بدلًا من الاعتماد على الواردات.

كما أن توحيد قنوات المساعدات وضمان توزيعها بعدالة يعد أمرًا ضروريًا لتخفيف المعاناة الإنسانية. يجب أن تكون هناك آليات شفافة تضمن وصول المساعدات إلى المستحقين، بعيدًا عن الفساد والتلاعب.

من بين الحلول المقترحة أيضًا، تعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، مما سيوفر فرص عمل جديدة ويحسن من القدرة الشرائية للمواطنين. هذا يتطلب دعمًا من المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية.

علاوة على ذلك، يجب العمل على تحسين البنية التحتية الاقتصادية، بما يشمل إعادة تأهيل الموانئ والمطارات، وتطوير شبكات النقل والتجارة. هذه الخطوات ستساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية.

وأخيرًا، يرى الخبراء أن إنهاء الفساد والتلاعب في المؤسسات الحكومية والخاصة يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق أي تقدم. بدون ذلك، ستظل الحلول مجرد مسكنات مؤقتة أمام كارثة متصاعدة.

في خضم هذه الأزمة الاقتصادية والإنسانية، يبقى الأمل معقودًا على تنفيذ الحلول المقترحة لإنقاذ اليمن من الانهيار. ورغم التحديات الكبيرة، فإن تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق نحو مستقبل أفضل للمواطنين اليمنيين. ولكن، يبقى السؤال: هل ستتحرك الأطراف المعنية والمجتمع الدولي لإنقاذ اليمن قبل فوات الأوان؟

أحد شوارع صنعاء القديمة - أسوشيتد برس أحد شوارع صنعاء القديمة - أسوشيتد برس
اخر تحديث: 22 فبراير 2025 الساعة 08:30 مساءاً
شارك الخبر