حذر تقرير دولي جديد من انهيار الهدنة في اليمن بين مليشيا الحوثي والحكومة الشرعية مع تصاعد الصراع الإقليمي وانخراط المليشيات فيه.
ويقول تقرير لمجموعة الأزمات الدولية حول التوقعات خلال الفترة من شهر أكتوبر الجاري وحتى مارس المقبل، إن السعودية والحوثيين قد يعقدون صفقات تعاون محدودة، لمنع الانهيار الكامل لوقف إطلاق النار.
وأشار التقرير المعنون بـ “في الأفق: أكتوبر 2024-مارس 2025” إلى أنه إذا استؤنف الصراع الداخلي، فمن غير المرجح أن تدخل السعودية والإمارات المعركة، إلا أنهما ستدعمان عسكريًا القوات المحلية المتحالفة معهما.
ويرى التقرير، أن العودة إلى الحرب في اليمن ستكون كارثية، وتزيد من تعريض المدنيين للخطر، وستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي المزري.
وتوقع التقرير استمرار حملة الحوثيين في البحر الأحمر في ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة، حيث من المرجح أن يواصل الحوثيون إطلاق النار على السفن المرتبطة بإسرائيل وحلفائها، مثل الولايات المتحدة، في البحر الأحمر، وكذلك المدن الرئيسية في إسرائيل بالطائرات بدون طيار والصواريخ، في غياب وقف إطلاق النار في غزة وعودة الهدوء في لبنان.
وأشار إلى أن إسرائيل قد تشن ضربات مضادة إضافية على اليمن، بما في ذلك ميناء الحديدة وغيره من المرافق الحيوية، إذا استمرت هجمات الحوثيين.
يأتي ذلك في ظل شلل شبه تام يضرب القطاع الاقتصادي في البلاد وتراجع غير مسبوق للعملة المحلية، وتجاهل محلي وإقليمي ودولي للأزمة الخانقة.
وكان الكاتب والمحلل السياسي، خالد سلما، قال إن ضربات غربية وشيكة وصفها بالقاصمة ستطال مليشيات الحوثي التابعة لإيران في اليمن، مع مؤشرات لعودة الحرب في اليمن إلى المربع الأول.
وأشار سلمان إلى أن “بريطانيا تحث رعاياها على سرعة مغادرة اليمن وتوقف السفر إليه، دون أن توضح الأسباب التي دعت لمثل هكذا توجيه”.
وقال: “وإن كانت كل المؤشرات ترجح عدم إستمرار الوضع الهش كما هو عليه ، وإمكان إنزلاق اليمن ثانية لمستنقع الحرب ، في ما تتجه تطورات الأحداث الإقليمية، إلى ترجيح توجيه ضربات قاصمة للحوثي برضى خليجي على خلفية المواجهة مع ايران”.
وأكد أن “السعودية والإمارات تتأهبان لمثل هذا التصعيد المرجح ، وتريان وتحديداً الرياض للتماس الجغرافي، أنها عرضة لردود فعل إنتقامية من إيران عبر الحوثي، حال سهلت مرور الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو طهران، من خلال أجوائها ،أو حتى دون الحاجة لمثل هكذا حجة”.
مستدركًا: “فمعركة إيران مع الولايات المتحدة والغرب تبدأ بضرب مصالحهما من اليمن، بإخراج مواقع إنتاج الطاقة عن العمل ، وتوسيع استهدافات خطوط الملاحة التجارية”.
مضيفا، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: “ليس لدى إيران ماتنازل به واشنطن سوى خوض معركتها باليمنيين، وتدمير عبر منصتها الحوثية معقل المصالح الإمريكية في دول الخليج”.
وقال المحلل السياسي إن اليمن مفتوح على عديد إحتمالات، سردها كما يلي:
ضربات إسرائيلية يعقبها ردود إنتقامية في الجوار، توجهات إيرانية لتحويل مناطق الثروات إلى ورقة تفاوضية مع الغرب. عودة اليمن إلى المربع الأول حرب، بالزحف نحو المناطق المحررة وتحديداً مثلث النفط والغاز وعُقد المواصلات البحرية “.
وتابع أن وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري “على غير عادته أكد في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية جاهزية القوات اليمنية والمكونات الأُخرى ، ل”إستعادة صنعاء اليوم أو غداً” ، مايفتح قوس الإستنتاج بأن مشاورات تمت وأنتجت قرارات فحواها الإستعداد لكل الاحتمالات، وإعداد الجيش اليمني لخوض معركة إستعادة صنعاء مرة ثانية ،بعد إنكسار لسنوات عشر من إخفاقات متتالية”.
وأضاف: “وإن كان لإنجاز هذا الهدف لايبدو إن إصلاحات بنيوية حقيقية قد شملت مؤسسة عسكرية، تفتقر إلى جانب رداءة التسليح إلى المهنية ، ويسود صفوفها إزدواجية الولاء والفساد ، وغياب العقيدة العسكرية لصالح الحسابات الجهوية القبيلية الحزبية ما دون الدولة، إضافة لصراعات بينية مع المكونات ذات الحيثية المسلحة” . حسب تعبيره.
وقال إن “هذا الحراك الإقليمي المغطى دولياً يزحف بسرعة متناهية نحو اليمن ، ولا يبقي لليمن خيارات بما في ذلك الحفاظ على راهن السلام الهش ، ويزج به في حرب محاور ربما إن أحسن التموضع وأصلح جسمه السياسي العسكري وبيته الداخلي ، يمكن إنجاز أهم مكسب وهو إضعاف الحوثي ،حد إمكانية هزيمته من قبل الفرقاء المناهضين له داخلياً”.
وأتم بالقول إن “الحسابات الدولية لا ترهن أهدافها بإطاحة الحوثي وحسب ، ولكن تمضي نحو البحث عن عقد سياسي للقوى المناط بها إستلام تركة الجماعة ، عقد لا يجعل اليمن أسوأ ، ونهباً للفوضى وحروب التجزئة متناهية الصِغر ، وصراع المشاريع المتصادمة ، العقد الذي يشتغل عليه الإقليم وعواصم القرار هو صيغة توافقية لشكل دولة ما بعد الحوثي، وموقع القضية الجنوبية في صلب التفاهمات ، وما دون ذلك التوافق لن تذهب الإستراتيجية الدولية باليمن نحو الفراغ، وإدارة الحرب بمعادلة المفاضلة بين السيء والأسوأ” .