أعلن العراق والسعودية مؤخرا عن قرب افتتاح معبر عرعر الحدودي الاستراتيجي بين البلدين لتنشيط حركة التجارة والتنقل بعد إغلاق دام 29 عاما... فما هي الفائدة التي سيحصل عليها كل طرف، وهل يسهم هذا المعبر في عودة العلاقات بين الرياض ودمشق؟
الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور أحمد الشهري، أجاب على هذه التساؤلات قائلا إن: "افتتاح معبر عرعر الحدودي بين السعودية والعراق له تأثير على جانبين، أولهما أن السعودية لديها استراتيجية اقتصادية للتكامل مع الاقتصاديات المجاورة، وهذه التكاملية تتطلب نوعا من التوافق السياسي، وقد لاحظنا عمليات التواصل بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمسؤولين العراقيين، وتأكيده على القضايا المشتركة بين الرياض وبغداد من العروبة والجوار، وجميعها رسائل سياسية من الدرجة الأولى."
وأضاف في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك": "كما تتجه المملكة إلى فتح المجال الاقتصادي، والذي يعني زيادة التعاون والتبادل التجاري والاستثماري، وهذه الرسائل تؤكد أن السعودية تبني وتحاول مساعدة دول الجوار لبناء اقتصادياتها".
وأشار إلى أن العراق: "يعتبر منطقة جيدة وسوق للمنتجات السعودية والاستثمار في العديد من المشاريع الكبرى، وهناك ترتيبات تجري فيما يتعلق بموضوع الربط الكهربائي، والسعودية لديها مشاريع طاقة كبرى تريد أن تصل بها إلى المنطقة، سواء كانت مشاريع نفطية أو الطاقة البديلة، لذا فإن الدول التي ستتوافق مع السعودية اقتصاديا ستكون هي الرابحة."
واعتبر الخبير الاقتصادي، أن "الأيديولوجيات هي التي تدمر العلاقات الاقتصادية القوية بين الدول، حيث أن وجود علاقة اقتصادية في ظل وجود خلفية ايديولوجية سوف تدمر العلاقة الاقتصادية".
وأضاف: "لكن من يريد أن يتقارب مع السعودية على أساس اقتصادي وعلاقات مشتركة وجوار جيد سيكون هو الرابح، لاسيما وأن المنطقة تعاني في الوقت الراهن، من اختلال هيكلي في اقتصاديات الدول المحيطة بالسعودية ولا أعني العراق على وجه التحديد".
ووصف السعودية بأن سياستها واضحة دائما، "فليس هناك أجندة في السياسة السعودية لا نستطيع قرائتها، غالبا التوافق السياسي يؤدي إلى توافق اقتصادي."
ولم يستبعد الخبير الاقتصادي "دعم السعودية لأي اقتصاد يريد العودة إلى وضعه الطبيعي، لأن الرياض نجحت في ملفات كبيرة جدا من بناء الاقتصاد في ظل الأزمات التي تمر بالعالم، واستطاعت أن تحقق تواصل كبير مع القادة في دول العشرين، المملكة لديها ملفات تستطيع بها مساعدة دول الجوار يستند على النجاح الاقتصادي والرؤية السياسية الواضحة فيما يتعلق بالمحيط العربي، وهذا يأتي بعد التوافق السياسي أولا ثم الاقتصادي كما حدث مع العراق." أهمية تجارية
من جانبه قال الخبيرالاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، إن: "معبر عرعر الحدودي بين السعودية والعراق هو أحد المعابر التجارية بين البلدين، وبشكل خاص بالنسبة لعملية استيراد البضائع والمنتجات السعودية، حيث سيعمل هذا المعبر على تقصير المسافة بين المدن الصناعية السعودية والأسواق العراقية ستكون أقرب، لأن سلع المملكة كانت تصل في السابق إما عن طريق الأردن أو الكويت، حيث أن المنتجات الغذائية والحيوانية لها حضور في الأسواق العراقية."
قوافل الحجاج العراقيين عبر منفذ عرعر وأضاف في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك": "علاوة على ذلك فإن معبر عرعر كان ولا يزال الطريق البري للحجاج والمعتمرين العراقيين، وهؤلاء أعدادهم ليست بالقليلة، فيصل عدد الحجاج في السنوات العادية ما يقارب 50 ألف حاج ونصف مليون معتمر، لذا فإن إعادة فتح المعبر سوف تنشط عملية التبادل التجاري وتخلق فرص عمل على طول الخطوط البرية، لأن حركة الشاحنات تحتاج إلى خدمات لوجستية."
ترانزيت
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن هذا المعبر وفق معلوماتي يمكن أن يكون "ترانزيت" للسلع والبضائع السعودية والسورية في الاتجاهين، بأن يتم إحياء حركة النقل البري بين الرياض ودمشق مرورا بالعراق، وهذا الأمر سيكسب العراق فوائد أخرى عن طريق رسوم العبور وغيرها.
واعتبر المشهداني أن مسالة القطيعة بين العراق والسعودية قد انتهت خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، وسبق أن تم افتتاح معبر عرعر لدخول رجال الأعمال السعوديين إلى العراق وإبداء رغبتهم في الاستثمار في الأراضي الصحراوية الممتدة من الأنبار باتجاه السماوا، على أن يتم زراعة تلك المناطق لإنتاج المواد الغذائية والأعلاف، وهذا يدخل ضمن تأسيس العلاقات والترسيخ لمرحلة جديدة. وأوضح الخبير الاقتصادي، أن "ما يبشر بنجاح هذا التعاون ويزيل مخاوف الفشل، أنه اقتصادي في الأساس وليس سياسي، والمستثمر يبحث عن فرصة اقتصادية رابحة ولا شأن له بالعلاقات السياسية سواء كانت إيجابية أم سلبية".
وأضاف: "وأعتقد أن نسب الأرباح التي يمكن أن يحققها أي مستثمر ستكون أكثر من أي مناطق أخرى، نظرا لتوافر الأرض الصالحة للزراعة، علاوة على توافر المياه والأيدي العاملة الرخيصة، لذا اعتقد أننا بدأنا المرحلة التي يتغلب فيها العامل الاقتصادي على العامل السياسي."
وحول إمكانية مساهمة هذا المعبر في إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق، قال المشهداني: " أعتقد أن موضوع المعبر وما سوف يترتب عليه سوف يفتح مرحلة جديدة من الاستقرار في العلاقات، وكل دول العالم بدأت في تغليب العامل الاقتصادي على الجانب السياسي، ولا يخفى علينا أن هذا التوجه قد يمنح الدول تحقيق مكاسب كبيرة خصوصا في الدول المتجاورة، وقد لمست في قيادات دول المنطقة أن توجهاتهم اقتصادية أكثر منها سياسية." وبحثت هيئة المنافذ الحدودية العراقية والسفارة السعودية في العراق، الأسبوع الماضي الاستعدادات لإعادة افتتاح منفذ «عرعر» الحدودي بين البلدين في غضون الأيام المقبلة.
وأوضحت هيئة المنافذ الحدودية العراقية في بيان لها أن مديرها اللواء عمر عدنان بحث مع السفير السعودي عبد العزيز الشمري الإجراءات والاستعدادات المتخذة لافتتاح المنفذ أمام الحركة التجارية بين البلدين الشقيقين.
وذكرت هيئة المنافذ الحدودية العراقية أن افتتاح المنفذ سيعود بالفائدة الاقتصادية لكلا البلدين، مضيفا أنه ستتبع هذه الخطوة إجراءات لتنشيط حركة المسافرين لأداء مناسك الحج والعمرة عبر المنفذ.
ويُشار إلى أن عرعر هو المنفذ الوحيد حاليا بين العراق والسعودية حيث تم افتتاحه مؤقتا لمرور الحجاج في مواسم حج سابقة.
وكان العراق والسعودية قد اتفقا الأسبوع الماضي على إعادة افتتاح معبر عرعر الحدودي بين البلدين، في ختام اجتماع مجلس التنسيق العراقي- السعودي، واجتماعات اللجان الاقتصادية والتجارية والأمنية بين العراق والسعودية.