عندما تهطل الأمطار بغزارة فإنها تؤثر على الأسطح وتجري تغييرات على الطبقة العلوية كتبلل الأجسام الصلبة وتشقق أو تخدد التربة.
ولكن هناك تغييرات تحدثها الأمطار على الأسطح لا ترى بالعين المجردة كالقضاء على المكروبات والفطريات والبكتيريا والغازات الملوثة للهواء والمواد السامة المنتشرة في الغلاف الجوي.
فبعد هطول الأمطار يكون الهواء نقيء ورائحته نقية ونسائمه عليلة وتتضح الرؤية الأفقية والعمودية فتكون السماء زرقاء ناصعة والجبال ومحيط الطبيعة صاف وخال من الغبار والعوالق الترابية نتيجة هطول الأمطار بغزارة حتى قضت على كافة الشوائب العالقة في الهواء.
وأظهرت التحديثات الأخيرة لخرائط تتبع الطقس إلى توقعات عالية تشير إلى أمطار غزيرة سيشهدها اليمن نتيجة منخفض مداري يبدأ تأثيره على المرتفعات الجبلية يوم غد السبت ومن المتوقع ان يستمر لأكثر من اسبوع وسيشمل معظم مناطق البلاد الثلاثاء القادم.
وسجل اليمن اليوم الجمعة 10 ابريل 2020 أول حالة إصابة في البلاد بفيروس كورونا المستجد لمواطن ستيني موظف في ميناء الشحر بمحافظة حضرموت شرق البلاد.
ولكن بعد مضي يوم أو أكثر على هطول الأمطار وتسببها في تشكل مستنقعات من المياه وبحيرات صغيرة راكدة، تبدأ الحشرات بالانتشار وتتسبب في تكاثر البعوض وانتشاره، وهو ما ينتج عنه انتشار حمى الضنك والملاريا، كما تتسبب المياه الراكدة الملوثة في حضانة البكتيريا المسببة لوباء الكوليرا وتساعد على انتشاره واستمرار تفشيه.
لكن يبقى السؤال هل من الممكن أن تقضي الأمطار على فيروس "كورونا" أم ستساعد على انتشاره؟؟!.
حتى اللحظة من نشر "يمن برس" لهذا التقرير لا توجد دراسة علمية تثبت مدى قدرة الأمطار على نشر فيروس كورونا أو الحد من انتشاره، إلا أن هناك فوائد جمة من الهطول الغزير للأمطار ومن أبرزها ما أن فيروس كورونا يتأثر بالعوامل الطبيعية والمتغيرات من حرارة ورياح وأمطار فكلما تعرض لعوامل طبيعية قاسية ومتقلبة كلما كانت فترة بقاءه على الأجسام والأسطح المعرضة لتلك العوامل أقل من الممكن في حال كانت الأجواء مستقرة وهادئة.
على وجه المثال عندما يلتصق الفيروس بسطح سيارة أو شاحنة أو بضائع وتتعرض للمطر فإن ذلك قد يكون سبباً في عدم بقاء ذلك الفيروس عالقاً على تلك الأجسام وقد يمنع من انتقاله من منطقة إلى أخرى كما تفعل ذلك الرياح الشديدة والدرجات الحرارة المرتفعة.
ومن فوائد الهطول الغزير والمستمر للأمطار هو إجبار السكان على المكوث في منازلهم وعدم الخروج والتجول، فعندما تهطل الأمطار تخلو الشوارع من المارة والمتسوقون والمتجولون، وفي حال لم يكن هناك التزام بحظر التجوال للحد من انتشار كورونا فقد يكون للمطر دوراً في ذلك ولو لساعات معينة.
الغلاف الجوي وحضانة الفيروسات
قالت دراسة علمية أن طبقة في الغلاف الجوي تودع في أجوائها مليارات الفيروسات وعشرات الملايين من الأنواع البكتيرية في كل متر مربع يومياً.
وتنتشر العديد من المعلومات والمفاهيم الصحيحة والمغلوطة بشأن طرق انتشار فيروس كورونا المستجد، إما عن طريق الهواء أو اللمس، إلا أن السؤال الذي يتبادر للذهن لدى البعض كبدعة هو: هل يمكن للفيروس أن ينتشر عن طريق المطر؟.
بحسب الدراسات العلمية يمكن للفيروسات عموما أن تنتشر عن طريق السوائل، ولا يختلف العلماء في القول بأن الفيروسات بالمطلق يمكن أن تعيش في الماء أو في السوائل، ويمكن لها أن تنقل الأمراض مثلها مثل مثيلاتها من الأمراض الشائعة الأخرى التي تسببها البكتيريا كالكوليرا والتيفوئيد، رغم أن حجم الفيروسات هي أكبر من حجم البكتيريا عشرات المرات.
تؤكد إحدى الدراسات العلمية التي نشرتها دورية علم البيئة الميكروبية في عام 2018 أن طبقة التروبوسفير في الغلاف الجوي هي السر وراء إمكانية احتفاظ قطرات المطر بالفيروسات، وهذه الطبقة الجوية – التي تقع أسفل المكان الذي تطير فيه الطائرات – تعتبر المخزن الرئيسي للفيروسات والوبائيات، وهي التي تقف وراء انتشار الأمراض.
وبحسب الدراسة، فإن تلك الطبقة من الغلاف الجوي تودع في أجوائها مليارات الفيروسات وعشرات الملايين من الأنواع البكتيرية في كل متر يوميا، كما أظهرت الدراسة على أماكن فوق جبال سييرا نيفادا في إسبانيا. وخلصت الدراسة إلى أن أكثر من 800 مليون فيروس يوجد في كل 11 قدما مربعا فوق طبقة التروبوسفير تلك.
ومن المعروف أن الفيروسات تنتقل عن طريق جزيئات الهواء التي تتكثف من المياه وغبار التربة. ووفقا لمعهد العلوم في جامعة كولومبيا البريطانية، فإن الفيروسات يمكن لها أن تنتقل في الهواء بشكل رئيسي من خلال رذاذ البحر وغبار التربة، عبر التصاقها بجزيئات عضوية أصغر وأخف وزنا تكون معلقة في الهواء والغازات الناقلة، مما يعني أن تلك الفيروسات يمكن أن تبقى لفترة أطول عائمة في الهواء.
وبمجرد عبور تلك الفيروسات للحدود الجوية من خلال طبقة التروبوسفير، على ارتفاعات تبلغ تتراوح بين 8 إلى 10 آلاف قدم، يمكن لتلك الفيروسات الانتقال بحرية إلى مسافات شاسعة. وبحسب أحد خبراء علم الفيروسات وعضو الفريق العلمي الذي أعد الدراسة، فإنه من المحتمل جدا أن تصبح تلك الفيروسات عابرة للقارات تتنقل من قارة لأخرى.