رغم استمرارها في تحقيق المكاسب على مدار سنوات، متفوقة على نظرائها في الولايات المتحدة وأوروبا، أصابت شركات الطيران الخليجية انتكاسة كبيرة العام الماضي بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط وبسبب الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخراً في أوروبا.
وبحسب تقرير صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الأربعاء 6 سبتمبر/أيلول 2017، غيَّرت شركات طيران الإمارات، والاتحاد للطيران في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والخطوط الجوية القطرية الكثير في صناعة الطيران في القرن الحادي والعشرين. فعلى مدار العقد الماضي، كانت هذه الشركات تضاعف عدد مسافريها أربعة أضعاف كل عام ولكن بعد أعوامٍ مما بدا أنَّه نموٌ غير قابلٍ للتوقف، تعاني شركات الطيران الثلاث في منطقة الشرق الأوسط فترةً من الاضطراب.
ففي وقتٍ قصير، تعرَّضت شركات الطيران الخليجية المملوكة للحكومات لمزيجٍ من الأزمات الاقتصادية، والسياسية، والتجارية. وتسبَّب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن انهيار أسعار النفط منذ عامين في انخفاض الطلب على السفر في المنطقة بحِدَّة.
وأثَّرت الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء أوروبا بالإضافة إلى التوتر السياسي بسبب أزمة المهاجرين والأمن في الولايات المتحدة سلباً على سير أعمال هذه الشركات. وما زاد الطين بلة أنَّ الإمارات هي واحدةٌ من أربع دول عربية فرضت حظراً على قطر على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال أندرو تشارلتون، المحللٌ في مجال الطيران: “لقد أُصيبت هذه الموصِّلات الفائقة الثلاثة ببعض الاضطرابات الخطيرة للمرة الأولى. وصحيحٌ أنَّها تمكَّنت من تحقيق مسيرةٍ مثالية على مدار فترة تتراوح بين 10 أعوامٍ و15 عاماً، ولكنَّها تعاني حالياً”.
وتؤثر عواقب هذه الحالة من عدم الاستقرار تأثيراً مباشراً على الأرباح. ومن المتوقع انخفاض أرباح جميع شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط إلى أقل من نصف قيمتها، أي من 1.1 مليار دولار أميركي في عام 2016 إلى 400 مليون دولار في العام الجاري 2017، وذلك وفقاً لما ذكره اتحاد النقل الجوي الدولي.
وستحقق شركات الطيران متوسط أرباح قيمته 1.78 دولار عن كل مسافر في العام الجاري 2017، مقارنةً بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 7.69 دولار.
التغيير في حجم الأرباح
وتعاني شركات الطيران الثلاث بسبب التغير في حجم أرباحها. وهو ما دفع شركة طيران الإمارات، وهي أكبر وأقدم شركة طيران في الشرق الأوسط، إلى تقييم استراتيجيتها بعدما سجَّلت الشركة أول انخفاض في أرباحها عن عامٍ كامل على مدار خمسة أعوام في شهر مايو/أيار، إذ انخفضت أرباحها بنسبة 82%.
وبدأت خطة شركة الاتحاد للطيران للحاق بركب منافستيها الإقليميتين عن طريق شراء حصص في شركات طيران بجميع أنحاء العالم في الانهيار، وبالتالي، أثَّر ذلك تأثيراً كبيراً على سوق الطيران الأوروبي. وفي أثناء الصيف، بدأت شركتان من كُبرى شركات الطيران في أوروبا، وهما أليطاليا وإير برلين، إجراءات إشهار إفلاسهما بعدما أوقفت شركة الاتحاد للطيران تمويلهما بعد مراجعة استراتيجيتها الخاصة بالاستحواذ.
وفي الوقت نفسه، تواجه شركة الخطوط الجوية القطرية، وهي أسرع شركات الطيران الكبرى نمواً في الخليج، مشاكلها الخاصة بعد أزمة الحصار غير المسبوق. وكانت شركة الخطوط الجوية القطرية قد شهدت انهياراً في الحجوزات بعدما فرضت السعودية، والإمارات، والبحرين، في شهر يونيو/حزيران الماضي.
بالنسبة لشركة طيران الإمارات، بلغ متوسط النمو السنوي للمقاعد المقررة في الرحلات المغادرة من دبي 11% بين عامي 2012 و2016، في حين بلغت نسبة متوسط النمو في شركتي الاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية، من أبوظبي والعاصمة القطرية الدوحة على الترتيب، 14.6% سنوياً و16.2% سنوياً على مدار الفترة نفسها، بحسب فايننشال تايمز.
ووفقا للجداول الزمنية الحالية الخاصة بعام 2017، ستكون قيمة متوسط الزيادة السنوية في المقاعد الخاصة بالشركتين الإماراتيتين نحو 2% و3% على التوالي عن القيمة في عام 2016، وسينخفض متوسط شركة الخطوط الجوية القطرية بنسبة 1%، وذلك وفقاً للإحصائيات الصادرة عن شركة Flight Ascend Consultancy لاستشارات الطيران.
ويقول بيتر موريس، كبير الاقتصاديين في الشركة، إنَّ المشاكل السياسية وقضايا تأشيرات الدخول في الولايات المتحدة أثَّرت تأثيراً كبيراً على القدرة الاستيعابية الموزَّعة على دول مختلفة.
أما السير تيم كلارك، رئيس شركة طيران الإمارات وعضوٌ مؤسسٌ فيها، المعروف بتفاؤله، قال لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إنَّ شركته “تمكَّنت من الصمود بالعزم والإصرار”. وبينما لا تُعَد شركة طيران الإمارات حديثة عهد بالظروف المضطربة على مدار تاريخها المستمر منذ 32 عاماً، يقول السير تيم إنَّه، بينما كان من المحتمل أن تعاني شركته “صدمتين” كبريين سنوياً، يبدو أنَّها صارت تعاني حالياً صدمةً كبرى شهرياً، مشيراً إلى عدد الهجمات الإرهابية المتزايد في المدن الأوروبية.
وكانت أعمال شركة طيران الإمارات في الولايات المتحدة قد شهدت مشكلةً خاصة منذ بداية العام. إذ أثَّر فرض قيودٍ جديدة على إجراءات الهجرة في الولايات المتحدة وحظر اصطحاب بعض الأجهزة الإلكترونية في المقصورات تأثيراً سلبياً على طلبات السفر إلى الولايات المتحدة.
طيران الاتحاد
أمَّا شركة الاتحاد للطيران فقد أمضت معظم هذا العام في مواجهة مشكلاتٍ متعلقة باستثماراتها في شركات طيرانٍ متعثرة. وفي شهر يوليو/تموز، سجَّلت الشركة التي يقع مقرها في أبوظبي خسارةً بقيمة 1.9 مليار دولار عن عام 2016، تضمنت انخفاضاً بقيمة 808 ملايين دولار مرتبطة بحصص أسهمها.
وضخَّت الشركة مئات الملايين من الدولارات للاستثمار في شركات طيران صربيا، وطيران سيشل، وإير برلين، وأليطاليا، وطيران داروين، وجِت إيرويز، وفيرجن أستراليا على مدار العقد الماضي. وتسببت مراجعة استراتيجيتها الخاصة بالعام الماضي في رحيل جيمس هوغن، مديرها التنفيذي والمهندس الرئيسي لخطة عملها، بالإضافة إلى وضع شركتي أليطاليا وإير برلين تحت إدارةٍ خاصة بعد توقُّف شركة الاتحاد للطيران التي يقع مقرها في أبوظبي عن تمويلهما مالياً، بحسب الصحيفة البريطانية.
وانخفضت قيمة السندات التي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار والمرتبطة بالمركبات ذات الأغراض الخاصة التابعة لشركة الاتحاد للطيران، في ظل تخوف المستثمرين من تراجع الحكومة عن دعم الشركة.
وسيواجه الرئيس التنفيذي الجديد لشركة الاتحاد للطيران الذي من المتوقع إعلانه بنهاية العام الجاري تحدياً صعباً. وقال محللون إنَّه يجب على الشركة اتخاذ قرارٍ حول كيفية الانتقال من استراتيجية الأسهم الفوضوية التي تبنَّتها فى عصر التقشف الحالي، مع استعادة وتيرة نموها فى الأسواق التي تشهد تزايد حدة التنافس.
ويقول أحد المستثمرين في أبو ظبي: “هذه فوضى كبيرة، وعامة، وصعبة في حلها”.
الطيران القطري
وبحسب فايننشال تايمز كان أداء شركة الخطوط الجوية القطرية هو الأفضل بين شركات الطيران الخليجية. فعلى عكس منافستيها، أعلنت نمو صافي ربحها بنسبة 22% ليبلغ 1.97 مليار ريال قطري (نحو 541 مليون دولار)، وزيادة الإيرادات بنسبة 10% لتصل إلى 39.4 مليار ريال قطري (نحو 10.8 مليار دولار) في السنة المالية التي ستنتهي في شهر مارس/آذار. إذ منحها المزيج الذي تمتلكه من الطائرات ذات السعة الكبيرة والسعة المنخفضة المرونة لمواكبة ضعف الحجوزات في المنطقة التي تضررت من انخفاض أسعار النفط.
لكنَّ الحصار الذي فرضه جيرانها في شهر يونيو/حزيران أثَّر على شركة الطيران، إذ سُرعان ما أغلقت 18 وجهة، وألغت نحو خُمس سعتها من المقاعد. وبينما رفضت قطر تحديد أثر هذه الخطوة، فمن المرجح أن تتحمل تكاليف باهظة بسبب إعادة توجيه مسارات الطائرات، والتغيرات التي ستطرأ على قوائم أطقم الطائرات. ويُذكَر أنَّ الشركة هددت باتخاذ إجراءاتٍ قانونية لاسترداد خسائرها.
وكانت شركات النقل الخليجية الثلاث قد اضطرت لخفض أسعار التذاكر سعياً للحفاظ على حصتها في السوق.
وتواجه شركات الطيران الخليجية منافسةً من شركات الطيران التي تُقدِّم رحلاتٍ طويلة بتكلفةٍ منخفضة، مثل شركة إير شاتل النرويجية، وشركة سكوت التي يقع مقرها في سنغافورة، اللتين تُغريان الزبائن بأسعارٍ رخيصة على بعض المسارات نفسها بين أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.
شراكة بين طيران الإمارات وفلاي دبي
وفي مواجهة الظروف الأكثر صرامة، تحاول شركات النقل الخليجية تكييف أعمالها. إذ وافقت شركة طيران الإمارات على ربط أعمالها بشركة طيران فلاي دبي الشقيقة ذات التكلفة المنخفضة، في شراكةٍ ستشهد تنسيق شركتي الطيران الأنظمة والعمليات في مركز دبي، بحسب فايننشال تايمز.
وأسفرت هذه الشراكة عن زيادة الشائعات حول احتمالية اندماج شركة طيران الإمارات مع شركة الاتحاد للطيران، وهو ما يقول عنَّه محللون إنَّه قد يساعد في تخفيف خسائر شركة الاتحاد وخفض القدرة الاستيعابية الفائضة في المنطقة، بحسب الصحيفة البريطانية.
وكانت الشركتان الإماراتيتان قد بدأتا في خطط توسيع المطارات في مركز دبي العالمي المركزي وصالة الركاب الوسطى في مطار أبوظبي الجديد، مع التركيز على الحاجة إلى العمل بكفاءة أكبر للحفاظ على النمو. ويقول مُطِّلعون داخل الشركتين إنَّ فكرة الاندماج غالباً ما تُثار داخلياً، ولكنَّه قرار بيد الشيوخ الذين يديرون كلا الشركتين.
وبالإضافة إلى خفض التكاليف التشغيلية، أدركت شركتا طيران الإمارات والاتحاد أهمية زيادة الإيرادات، وذلك بفرض رسومٍ أكبر على الخدمات، وخاصةً خدمات الدرجة الاقتصادية. ويتبع ذلك اتجاهاً من شركات الطيران كاملة الخدمات، تحذو فيه حذو شركات الطيران منخفضة التكلفة.
تفرض الإمارات الآن رسوماً على حجز المقاعد في الدرجة الاقتصادية، في حين تقدم خدمة الدفع قدر الاستخدام (التي تتيح للعميل كثيراً من الخدمات لكنَّه لا يدفع إلا لقاء الخدمات التي استخدمها) في صالات الاستراحة، وتهدف إلى فرض رسومٍ أخرى في الأشهر المقبلة. وفي يونيو/حزيران، كشفت شركة الاتحاد عن خططٍ لفرض رسوم مقابل خدمات السائقين، والتي كانت مدرجة سابقاً للعملاء من درجة رجال الأعمال وعملاء الدرجة الأولى.
شكاوى في أوروبا
وبحسب فايننشال تايمز فإن الشيء الوحيد الذي كان واضحاً هو أنَّ شركات الطيران الخليجية عليها ألا تتوقع قدراً كبيراً من التعاطف من أقرانها. إذ اشتكى منافسوها في أوروبا بشجاعة من تكتيكاتها في السوق الأوروبية، مدعين أنَّها تستغل نموذجاً مدعوماً من الحكومة لسرقة حصة بعيدة المدى من السوق، في حين قامت شركات الطيران الأميركية بحملةٍ منسقة ضد المنافسة المزعومة غير العادلة بسبب تلقي الإعانات، وطلبت من حكومتها إنهاء اتفاقيات الطيران مع قطر والإمارات.
ويقول محللون في الطيران إنَّ الذين يأملون في تراجع شركات الطيران الخليجية سيخيب أملهم، وذلك رغم الاضطرابات التي تعاني منها الشركات. فهي تتمتع بقواعد أكثر كفاءة في إدارة تكاليفها من منافسيها، وهي قواعد تُعززها الآن التخفيضات وإعادة الهيكلة. وتلتزم حكومات الخليج، في الوقت الذي تعاني فيه من انخفاض أسعار النفط، بالنقل والسياحة كمصادر لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.
وبحسب تقرير صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الأربعاء 6 سبتمبر/أيلول 2017، غيَّرت شركات طيران الإمارات، والاتحاد للطيران في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والخطوط الجوية القطرية الكثير في صناعة الطيران في القرن الحادي والعشرين. فعلى مدار العقد الماضي، كانت هذه الشركات تضاعف عدد مسافريها أربعة أضعاف كل عام ولكن بعد أعوامٍ مما بدا أنَّه نموٌ غير قابلٍ للتوقف، تعاني شركات الطيران الثلاث في منطقة الشرق الأوسط فترةً من الاضطراب.
ففي وقتٍ قصير، تعرَّضت شركات الطيران الخليجية المملوكة للحكومات لمزيجٍ من الأزمات الاقتصادية، والسياسية، والتجارية. وتسبَّب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن انهيار أسعار النفط منذ عامين في انخفاض الطلب على السفر في المنطقة بحِدَّة.
وأثَّرت الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء أوروبا بالإضافة إلى التوتر السياسي بسبب أزمة المهاجرين والأمن في الولايات المتحدة سلباً على سير أعمال هذه الشركات. وما زاد الطين بلة أنَّ الإمارات هي واحدةٌ من أربع دول عربية فرضت حظراً على قطر على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال أندرو تشارلتون، المحللٌ في مجال الطيران: “لقد أُصيبت هذه الموصِّلات الفائقة الثلاثة ببعض الاضطرابات الخطيرة للمرة الأولى. وصحيحٌ أنَّها تمكَّنت من تحقيق مسيرةٍ مثالية على مدار فترة تتراوح بين 10 أعوامٍ و15 عاماً، ولكنَّها تعاني حالياً”.
وتؤثر عواقب هذه الحالة من عدم الاستقرار تأثيراً مباشراً على الأرباح. ومن المتوقع انخفاض أرباح جميع شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط إلى أقل من نصف قيمتها، أي من 1.1 مليار دولار أميركي في عام 2016 إلى 400 مليون دولار في العام الجاري 2017، وذلك وفقاً لما ذكره اتحاد النقل الجوي الدولي.
وستحقق شركات الطيران متوسط أرباح قيمته 1.78 دولار عن كل مسافر في العام الجاري 2017، مقارنةً بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 7.69 دولار.
التغيير في حجم الأرباح
وتعاني شركات الطيران الثلاث بسبب التغير في حجم أرباحها. وهو ما دفع شركة طيران الإمارات، وهي أكبر وأقدم شركة طيران في الشرق الأوسط، إلى تقييم استراتيجيتها بعدما سجَّلت الشركة أول انخفاض في أرباحها عن عامٍ كامل على مدار خمسة أعوام في شهر مايو/أيار، إذ انخفضت أرباحها بنسبة 82%.
وبدأت خطة شركة الاتحاد للطيران للحاق بركب منافستيها الإقليميتين عن طريق شراء حصص في شركات طيران بجميع أنحاء العالم في الانهيار، وبالتالي، أثَّر ذلك تأثيراً كبيراً على سوق الطيران الأوروبي. وفي أثناء الصيف، بدأت شركتان من كُبرى شركات الطيران في أوروبا، وهما أليطاليا وإير برلين، إجراءات إشهار إفلاسهما بعدما أوقفت شركة الاتحاد للطيران تمويلهما بعد مراجعة استراتيجيتها الخاصة بالاستحواذ.
وفي الوقت نفسه، تواجه شركة الخطوط الجوية القطرية، وهي أسرع شركات الطيران الكبرى نمواً في الخليج، مشاكلها الخاصة بعد أزمة الحصار غير المسبوق. وكانت شركة الخطوط الجوية القطرية قد شهدت انهياراً في الحجوزات بعدما فرضت السعودية، والإمارات، والبحرين، في شهر يونيو/حزيران الماضي.
بالنسبة لشركة طيران الإمارات، بلغ متوسط النمو السنوي للمقاعد المقررة في الرحلات المغادرة من دبي 11% بين عامي 2012 و2016، في حين بلغت نسبة متوسط النمو في شركتي الاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية، من أبوظبي والعاصمة القطرية الدوحة على الترتيب، 14.6% سنوياً و16.2% سنوياً على مدار الفترة نفسها، بحسب فايننشال تايمز.
ووفقا للجداول الزمنية الحالية الخاصة بعام 2017، ستكون قيمة متوسط الزيادة السنوية في المقاعد الخاصة بالشركتين الإماراتيتين نحو 2% و3% على التوالي عن القيمة في عام 2016، وسينخفض متوسط شركة الخطوط الجوية القطرية بنسبة 1%، وذلك وفقاً للإحصائيات الصادرة عن شركة Flight Ascend Consultancy لاستشارات الطيران.
ويقول بيتر موريس، كبير الاقتصاديين في الشركة، إنَّ المشاكل السياسية وقضايا تأشيرات الدخول في الولايات المتحدة أثَّرت تأثيراً كبيراً على القدرة الاستيعابية الموزَّعة على دول مختلفة.
أما السير تيم كلارك، رئيس شركة طيران الإمارات وعضوٌ مؤسسٌ فيها، المعروف بتفاؤله، قال لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إنَّ شركته “تمكَّنت من الصمود بالعزم والإصرار”. وبينما لا تُعَد شركة طيران الإمارات حديثة عهد بالظروف المضطربة على مدار تاريخها المستمر منذ 32 عاماً، يقول السير تيم إنَّه، بينما كان من المحتمل أن تعاني شركته “صدمتين” كبريين سنوياً، يبدو أنَّها صارت تعاني حالياً صدمةً كبرى شهرياً، مشيراً إلى عدد الهجمات الإرهابية المتزايد في المدن الأوروبية.
وكانت أعمال شركة طيران الإمارات في الولايات المتحدة قد شهدت مشكلةً خاصة منذ بداية العام. إذ أثَّر فرض قيودٍ جديدة على إجراءات الهجرة في الولايات المتحدة وحظر اصطحاب بعض الأجهزة الإلكترونية في المقصورات تأثيراً سلبياً على طلبات السفر إلى الولايات المتحدة.
طيران الاتحاد
أمَّا شركة الاتحاد للطيران فقد أمضت معظم هذا العام في مواجهة مشكلاتٍ متعلقة باستثماراتها في شركات طيرانٍ متعثرة. وفي شهر يوليو/تموز، سجَّلت الشركة التي يقع مقرها في أبوظبي خسارةً بقيمة 1.9 مليار دولار عن عام 2016، تضمنت انخفاضاً بقيمة 808 ملايين دولار مرتبطة بحصص أسهمها.
وضخَّت الشركة مئات الملايين من الدولارات للاستثمار في شركات طيران صربيا، وطيران سيشل، وإير برلين، وأليطاليا، وطيران داروين، وجِت إيرويز، وفيرجن أستراليا على مدار العقد الماضي. وتسببت مراجعة استراتيجيتها الخاصة بالعام الماضي في رحيل جيمس هوغن، مديرها التنفيذي والمهندس الرئيسي لخطة عملها، بالإضافة إلى وضع شركتي أليطاليا وإير برلين تحت إدارةٍ خاصة بعد توقُّف شركة الاتحاد للطيران التي يقع مقرها في أبوظبي عن تمويلهما مالياً، بحسب الصحيفة البريطانية.
وانخفضت قيمة السندات التي تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار والمرتبطة بالمركبات ذات الأغراض الخاصة التابعة لشركة الاتحاد للطيران، في ظل تخوف المستثمرين من تراجع الحكومة عن دعم الشركة.
وسيواجه الرئيس التنفيذي الجديد لشركة الاتحاد للطيران الذي من المتوقع إعلانه بنهاية العام الجاري تحدياً صعباً. وقال محللون إنَّه يجب على الشركة اتخاذ قرارٍ حول كيفية الانتقال من استراتيجية الأسهم الفوضوية التي تبنَّتها فى عصر التقشف الحالي، مع استعادة وتيرة نموها فى الأسواق التي تشهد تزايد حدة التنافس.
ويقول أحد المستثمرين في أبو ظبي: “هذه فوضى كبيرة، وعامة، وصعبة في حلها”.
الطيران القطري
وبحسب فايننشال تايمز كان أداء شركة الخطوط الجوية القطرية هو الأفضل بين شركات الطيران الخليجية. فعلى عكس منافستيها، أعلنت نمو صافي ربحها بنسبة 22% ليبلغ 1.97 مليار ريال قطري (نحو 541 مليون دولار)، وزيادة الإيرادات بنسبة 10% لتصل إلى 39.4 مليار ريال قطري (نحو 10.8 مليار دولار) في السنة المالية التي ستنتهي في شهر مارس/آذار. إذ منحها المزيج الذي تمتلكه من الطائرات ذات السعة الكبيرة والسعة المنخفضة المرونة لمواكبة ضعف الحجوزات في المنطقة التي تضررت من انخفاض أسعار النفط.
لكنَّ الحصار الذي فرضه جيرانها في شهر يونيو/حزيران أثَّر على شركة الطيران، إذ سُرعان ما أغلقت 18 وجهة، وألغت نحو خُمس سعتها من المقاعد. وبينما رفضت قطر تحديد أثر هذه الخطوة، فمن المرجح أن تتحمل تكاليف باهظة بسبب إعادة توجيه مسارات الطائرات، والتغيرات التي ستطرأ على قوائم أطقم الطائرات. ويُذكَر أنَّ الشركة هددت باتخاذ إجراءاتٍ قانونية لاسترداد خسائرها.
وكانت شركات النقل الخليجية الثلاث قد اضطرت لخفض أسعار التذاكر سعياً للحفاظ على حصتها في السوق.
وتواجه شركات الطيران الخليجية منافسةً من شركات الطيران التي تُقدِّم رحلاتٍ طويلة بتكلفةٍ منخفضة، مثل شركة إير شاتل النرويجية، وشركة سكوت التي يقع مقرها في سنغافورة، اللتين تُغريان الزبائن بأسعارٍ رخيصة على بعض المسارات نفسها بين أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.
شراكة بين طيران الإمارات وفلاي دبي
وفي مواجهة الظروف الأكثر صرامة، تحاول شركات النقل الخليجية تكييف أعمالها. إذ وافقت شركة طيران الإمارات على ربط أعمالها بشركة طيران فلاي دبي الشقيقة ذات التكلفة المنخفضة، في شراكةٍ ستشهد تنسيق شركتي الطيران الأنظمة والعمليات في مركز دبي، بحسب فايننشال تايمز.
وأسفرت هذه الشراكة عن زيادة الشائعات حول احتمالية اندماج شركة طيران الإمارات مع شركة الاتحاد للطيران، وهو ما يقول عنَّه محللون إنَّه قد يساعد في تخفيف خسائر شركة الاتحاد وخفض القدرة الاستيعابية الفائضة في المنطقة، بحسب الصحيفة البريطانية.
وكانت الشركتان الإماراتيتان قد بدأتا في خطط توسيع المطارات في مركز دبي العالمي المركزي وصالة الركاب الوسطى في مطار أبوظبي الجديد، مع التركيز على الحاجة إلى العمل بكفاءة أكبر للحفاظ على النمو. ويقول مُطِّلعون داخل الشركتين إنَّ فكرة الاندماج غالباً ما تُثار داخلياً، ولكنَّه قرار بيد الشيوخ الذين يديرون كلا الشركتين.
وبالإضافة إلى خفض التكاليف التشغيلية، أدركت شركتا طيران الإمارات والاتحاد أهمية زيادة الإيرادات، وذلك بفرض رسومٍ أكبر على الخدمات، وخاصةً خدمات الدرجة الاقتصادية. ويتبع ذلك اتجاهاً من شركات الطيران كاملة الخدمات، تحذو فيه حذو شركات الطيران منخفضة التكلفة.
تفرض الإمارات الآن رسوماً على حجز المقاعد في الدرجة الاقتصادية، في حين تقدم خدمة الدفع قدر الاستخدام (التي تتيح للعميل كثيراً من الخدمات لكنَّه لا يدفع إلا لقاء الخدمات التي استخدمها) في صالات الاستراحة، وتهدف إلى فرض رسومٍ أخرى في الأشهر المقبلة. وفي يونيو/حزيران، كشفت شركة الاتحاد عن خططٍ لفرض رسوم مقابل خدمات السائقين، والتي كانت مدرجة سابقاً للعملاء من درجة رجال الأعمال وعملاء الدرجة الأولى.
شكاوى في أوروبا
وبحسب فايننشال تايمز فإن الشيء الوحيد الذي كان واضحاً هو أنَّ شركات الطيران الخليجية عليها ألا تتوقع قدراً كبيراً من التعاطف من أقرانها. إذ اشتكى منافسوها في أوروبا بشجاعة من تكتيكاتها في السوق الأوروبية، مدعين أنَّها تستغل نموذجاً مدعوماً من الحكومة لسرقة حصة بعيدة المدى من السوق، في حين قامت شركات الطيران الأميركية بحملةٍ منسقة ضد المنافسة المزعومة غير العادلة بسبب تلقي الإعانات، وطلبت من حكومتها إنهاء اتفاقيات الطيران مع قطر والإمارات.
ويقول محللون في الطيران إنَّ الذين يأملون في تراجع شركات الطيران الخليجية سيخيب أملهم، وذلك رغم الاضطرابات التي تعاني منها الشركات. فهي تتمتع بقواعد أكثر كفاءة في إدارة تكاليفها من منافسيها، وهي قواعد تُعززها الآن التخفيضات وإعادة الهيكلة. وتلتزم حكومات الخليج، في الوقت الذي تعاني فيه من انخفاض أسعار النفط، بالنقل والسياحة كمصادر لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.