قصص مرعبة عن ممارسات المليشيا الحوثية ضد سجناء ومدنيين اختطفوا من الشارع ليتم إلصاق التهم وتعذيبهم لتسويق تلك الاعترافات للاعلام على انها انتصارات أمنية، وفي سبيل ذلك يسقط الكثير من الابرياء ضحية تلك الممارسات ومنهم من يموت تعذيباً على يد جلادي الجماعة، ومن ينجو فحتماً لن تفارق آثار التعذيب جسده وذاكرته.
قتل العشرات من الشباب في سجون المليشيا الحوثية، التي تعمد الى اخفاء تلك الحالات وعدم كشفها للرأي العام، لضمان عدم زيادة السخط العام من الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها المليشيا بحق الأبرياء.. "اليوم" تنقب في هذا الملف المثير والمخيف، وتكشف مدى الممارسات الوحشية ضد الابرياء من المدنيين ومن تتهمهم جماعة الحوثي بدعم المقاومة الشعبية وشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ثلاثة آلاف شخص في سجون الحوثي
بحسب احصائيات غير رسمية، أكدتها مصادر حقوقية لـ"اليوم" ان نحو ثلاثة آلاف شخص يقبعون في سجون المليشيا الحوثية في المناطق التي تسيطر عليها، يتم تعذيبهم بشكل مستمر على يد العناصر الحوثية واجهزة المخلوع صالح، وان هناك ما يقارب 13 شخصا تم الكشف عن "مقتلهم" اثناء او بعد جلسات التعذيب، لكن يتم دفن الجثث دون الكشف عن ذلك بشكل رسمي، بعد تهديد اسر الضحايا.
وقال المصدر ان خمسة توفوا في سجن الامن السياسي والقومي والسجن المركزي بصنعاء بعد تعرضهم لجلسات تعذيب والضرب وتفاقم حالتهم الصحية وجلوسهم لعدة ايام يعانون البرد وفي غرف مظلمة، بينهم شابان من افراد المقاومة الجنوبية، وتم نشر اخبار عن اقدامهم على الانتحار. وكان مركز صنعاء الحقوقي، قال انه فقط خلال الفترة من 21 سبتمبر عام 2014م وحتى 21 سبتمبر من العام الماضي، تم اختطاف 1725 قُتل اربعة اشخاص منهم تحت التعذيب، وجدد في بيان له – نشر في وقت سابق- مطالبته الحوثيين وحليفهم صالح بالتوقف الفوري وبشكل قطعي عن ممارسة التعذيب أو الاعتداء على المعتقلين والكشف عن مصير جميع المعتقلين والمخفيين قسريا وإطلاقهم دون مماطلة أو تسويف.
داعياً في ذات القول "المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن للضغط على جماعة الحوثي وصالح بمختلف الوسائل لوقف هذه الممارسات، وعدم الصمت تجاه هذه الانتهاكات بحق الإنسان، والعمل على إيقافها وإجبار جماعة الحوثي المسلحة وحليفها على سرعة الكشف عن المخفيين وإطلاق سراح المعتقلين تعسفيا".
متحدثاً عن احد تلك الاعتداءات، وقال ان الشاب "عبدالإله علي عايض سيلان" المعتقل منذ 19/8/2015م بصنعاء في سجن الأمن السياسي الذي تديره جماعة الحوثي او حليفها المخلوع صالح قد تعرض يوم 7 فبراير للاعتداء بالضرب بالأيدي وأعقاب البنادق وإصابته بعدة جروح نازفة في رأسه ووجهه، أمام أسرته ولا يزال وضعه الصحي بعد الحادثة مجهولا. محملاً جماعة الحوثي والمخلوع صالح المسئولية القانونية والجنائية والمسؤولية الكاملة عن سلامة الشاب المعتدى عليه وجميع المعتقلين لديهم.
من جانبة، حذر القانوني والناشط الحقوقي "أسعد عمر" من الانزلاق في جرائم ضد الانسانية اثناء الحرب لانها لا تسقط بالتقادم، وقال في حديث لـ"اليوم" يحظر القانون الدولي واتفاقيات الحقوقية التعذيب البدني والنفسي، للمعتقلين، وكذلك اسرى الحرب، فلا يجوز ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو أي إكراه علي أسرى الحرب لاستخلاص معلومات منهم من أي نوع، ولا يجوز تهديد أسرى الحرب الذين يرفضون الإجابة أو سبهم أو تعريضهم لأي إزعاج أو إجحاف، هذا اذا كان لاسرى الحرب فما بالك بالمعتقلين العاديين.
مؤكداً ان أي خرق لتلك الحقوق بأي من الوسائل والى اي مستوى تعد من جرائم الحرب المجرمة والمدانة وهي جرائم لا تسقط بالتقادم ولا تخضع للتسويات السياسية وهو ما يستوجب من الجميع العمل على تجنب الوقوع بها.
قصة معتقل سابق
"تعذيب طوال فترة السجن، وتهديد بالاغتصاب، ووجبة واحدة طوال اليوم"، باختصار تحدث الشاب مروان - اسم مستعار لسجين سابق لدى المليشيا الحوثية - عن قصة بقائة في قبضة المليشيا، خيوط حكايته بدأت، عندما ابدى سخطه من الممارسات الحوثية ونهبها مقدرات الدولة، أمام شخص ينتمي للجماعة الحوثية، ليتم اختطافه من شارع الرباط وسط صنعاء، وينقل الى قسم شرطة العلفي، من ذلك اليوم بدأت قصة عذاب استمرت ثلاثة اشهر وسبعة ايام.
تم نقل "مروان" وهو معصوب العينين من قسم العلفي، إلى مكان مجهول، وزج به في غرفة مظلمة تضم سته آخرين وضعتهم المليشيا في السجن بتهمه دعم المقاومة.
ومتابعاً مروان: "كنت اتعرض للتحقيق لساعات بتهم غريبة، مرة علاقتي بالقاعدة، ومرة ارتباطة بالشرعية ومرة تواصلي بقيادات سياسية خارج البلد، وفي كل جسلة تحقيق اتعرض للضرب بسلك كهربائي وصفع مستمر واحياناً يتم تعليقي من ارجلي في سقف غرفة التعذيب وفي ليلة هددني المحقق بالاغتصاب في حال استمررت في الانكار. وبعد عدة اسابيع تم نقل الشاب الى غرفة اخرى منفردة، وطوال فترة سجنه قال انه كان يتعرض للتعذيب والنوم في البرد بدون اغطية مع وجبة واحدة طوال اليوم. ويحاول مروان الذي يدرس في السنة الاولى بجامعة صنعاء، نسيان فترة السجن، لبشاعة ما تعرض له من تعذيب والذي لا تزال آثاره في جسده.
ويؤكد "لست القصة الوحيدة بل تتشابه مع مئات القصص لمعتقلين سابقين في سجون الحوثي السرية التي يديرها جلادو الحوثي، وباشراف قيادات ميدانية لانتزع اعترافات عن ارتباط المعتقلين بتهم تفصلها المليشيا على اجساد المعتقلين وتنشرها على انها انتصارات أمنية، لمحاولة كسب الرأي العام اليمني، الذي بات يمتلك يقين ان المليشيا لا تصنع سوى الخوف والرعب والموت".
«البشري» أول حالة تعذيب حتى الموت
مثل موت الناشط السياسي "البشري" متأثراً بالتعذيب على يد مسلحي جماعة الحوثي المسلحة في العاصمة صنعاء، ضربة قوية في جسد الجماعة التي بدأت تشهد بعض الانشقاقات والتذمر من بعض قياداتها إثر ممارسات الجماعة ضد المعارضين لانقلابها على المؤسسات الرسمية، ما انتج سخطا شعبيا كبيرا وتحركات نقابية ومدنية على الارض.
ويعد الناشط السياسي "صالح عوض البشري" اول ضحايا تعذيب المعارضين حتى الموت يتم الكشف عنه على العلن، وبحسب اقرباء الضحية فقد تم اختطافه قبل عدة ايام من أحد شوارع صنعاء رفقة عدد من اصدقائه وتم اقتياده الى سجن خاص بمعارضي الحوثي، وهناك تم تعذيبه بشكل وحشي لثلاثة ايام متتالية ليتم رميه في شارع الستين وسط مدينة صنعاء مع اصدقائه، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله الى منزله في صنعاء.
و"البشري" هو أحد حفاظ كتاب الله تعالى، ويعمل موجها تربوياً لمادة "القرآن الكريم" في مكتب التربية بمديرية الحيمة التابعة ادرايا لمحافظة صنعاء، وكان احد ابرز الشخصيات الاجتماعية في المنطقة المؤيدة لثورة 11 فبراير الشبابية. وهناك أيضا الشاب "منيف الجبري" الذي سقط ميتا بين يدي جلادي المليشيا بعد تعرضه لتعذيب وحشي، و"الجبري" من ابناء محافظة ذمار – 100 كم جنوب صنعاء - فارق الحياة بعد اسابيع من تعرضه للاعتقال على يد المليشيا، وتسلمت اسرته الجثة في نهاية يناير المنصرم، وعليها آثار تعذيب مروع، موزعة على أنحاء جسمه، وقال احد اقرباء الشاب منيف الجبري لـ"اليوم" انهم تسلموا جثة منيف وعليها آثار تعذيب وان العناصر الحوثية التي سلمتهم الجثة قالت لهم "ادفنوا صاحبكم ولا نسمع لكم صوتا"، مؤكداً ان المليشيا اتهمت منيف بالقتال ضدها في محافظة مأرب.
أماكن السجن والتعذيب
بحسب معلومات تحصلت عليها "اليوم" فإن السجن السياسي في الحي السياسيي وكذلك مقر جهاز الأمن القومي في صنعاء القديمة، هي اهم المواقع التي يتم نقل السجناء إليها لتجري هناك أبشع عمليات التعذيب بحق الأبرياء، وأكد ضابط في جهاز الشرطة لـ "اليوم" أن قسم شرطة "الوحدة" وكذلك "العلفي" و"22 مايو" و"الصافية" هي أقسام شرطة سيئة السمعة بسبب سيطرة المليشيا عليها وما يترتب عليها من ممارسات وتعذيب وتحقيقات تحت ظروف قاسية لمعارضي المليشيا.
وبحسب الضابط الذي فضل عدم الكشف عن هويته، انه وخلال عمله في شرطة مدينة صنعاء، وكان يصل الى القسم في الاشهر الاولى من الانقلاب الحوثي يومياً نحو 30- 50 شابا يومياً يتم التحقيق معهم والاعتداء عليهم بالضرب والصفع، واي شاب يشك المحققون به يتم نقله الى سجن الامن السياسي او الامن القومي او سجون أخرى مجهولة ليتم التحقيق معه بشكل اكبر وأكثر وحشية.
وتابع بالقول: "بعض الشباب يخرج وآثار الحروق من السجائر على يديه لكن كل الحالات تختفي ولا تتم إثارتها إعلامياً لأن شرط الافراج عن اي شاب يرتبط بعد الكشف عن اي تفاصيل، ويتم تحذير اسر المفرج عنهم بعدم اثارة الموضوع اعلامياً لكيلا يتم سجن ابنهم مرة اخرى.
وقال: انه مساء ذات يوم بعد اسابيع من الانقلاب جاءت اسرة شاب تم اختطافه من الشارع لمحاولة الاستفسار عن مصيره، ليتم طرد الاسرة بل ومحاولة الاعتداء على نسائها، وتم نقل الشاب الى مكان مجهول، ولم تشفع توسلات ودموع امه وشقيقاته، ليتم تلفيق تهمة للشاب حول الارتباط بالقاعدة وخلايا الاغتيالات في صنعاء.
وقال الضابط لـ "اليوم": عندما ابديت استغرابي من تلك الممارسات، قال لي مشرف الحوثي حرفياً "إما أن تعمل بصمت معنا أو تذهب إلى بيتك، ولكن لو تنطق بكلمة فسنكسر فمك".
أجانب متخصصون في التعذيب
وكشف الصحفي والكاتب المعارض لمليشيا الحوثي "عبدالله المنيفي" عن وجود "فرق خاصة من الحوثيين وأجهزة المخلوع صالح تشرف على هذه الممارسات، كما يوجد مختصون بينهم أجانب في التعذيب النفسي والاستجواب لمئات المعتقلين المدنيين" بحسب إفادات بعض المفرج عنهم.
وتابع: "هناك المئات من المعتقلين بينهم صحفيون يتعرضون لصنوف التعذيب الجسدي بالكهرباء والنار والضرب، فضلاً عن تعذيب نفسي"، مشيراً إلى أن قصصا "كنا نسمع بها" عما يتعرض له المعتقلون من أبناء صعدة المناهضين للحوثي من تعذيب في سجون المليشيا لم تكن مجرد إشاعات بل حقيقة شاهدناها خلال عام كامل من سيطرة المليشيا.
وقال لـ"اليوم" أول شخص سقط نتيجة التعذيب منذ الانقلاب الحوثي هو الشهيد البشري من أبناء منطقة الحيمة، الذي مات تحت التعذيب، ومن يومها تتالت هذه الممارسات ضد المناوئين للانقلاب والمليشيا والمناذج اصبحت كثيرة كان آخرها نهاية الإسبوع الماضي، حيث تسلمت أسرة شاب جثته بعد موته تحت التعذيب في سجن الأمن السياسي بمدينة إب الذي تسيطر عليه المليشيا، وغيرها في المحويت وحجة والبيضاء وتعز.
متابعاً: "هذه ممارسات تعتبر جرائم ضد الإنسانية تؤشر إلى أن الانقلابيين باتوا يخافون من أي شيء، فتعذيب المدنيين بهذه الصورة البشعة هو تعبير عن رعب يتملك من يقوم بهذه الأعمال فضلاً عن تأثيرها على المجتمع الذي تدع فيه جرحاً غائراً لا يمكن ان يتعافى على المدى القريب. مطالباً المنظمات الحقوقية بالقيام بدورها في استكمال توثيق هذه الأعمال وملاحقة مرتكبيها".
.
قتل العشرات من الشباب في سجون المليشيا الحوثية، التي تعمد الى اخفاء تلك الحالات وعدم كشفها للرأي العام، لضمان عدم زيادة السخط العام من الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها المليشيا بحق الأبرياء.. "اليوم" تنقب في هذا الملف المثير والمخيف، وتكشف مدى الممارسات الوحشية ضد الابرياء من المدنيين ومن تتهمهم جماعة الحوثي بدعم المقاومة الشعبية وشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ثلاثة آلاف شخص في سجون الحوثي
بحسب احصائيات غير رسمية، أكدتها مصادر حقوقية لـ"اليوم" ان نحو ثلاثة آلاف شخص يقبعون في سجون المليشيا الحوثية في المناطق التي تسيطر عليها، يتم تعذيبهم بشكل مستمر على يد العناصر الحوثية واجهزة المخلوع صالح، وان هناك ما يقارب 13 شخصا تم الكشف عن "مقتلهم" اثناء او بعد جلسات التعذيب، لكن يتم دفن الجثث دون الكشف عن ذلك بشكل رسمي، بعد تهديد اسر الضحايا.
وقال المصدر ان خمسة توفوا في سجن الامن السياسي والقومي والسجن المركزي بصنعاء بعد تعرضهم لجلسات تعذيب والضرب وتفاقم حالتهم الصحية وجلوسهم لعدة ايام يعانون البرد وفي غرف مظلمة، بينهم شابان من افراد المقاومة الجنوبية، وتم نشر اخبار عن اقدامهم على الانتحار. وكان مركز صنعاء الحقوقي، قال انه فقط خلال الفترة من 21 سبتمبر عام 2014م وحتى 21 سبتمبر من العام الماضي، تم اختطاف 1725 قُتل اربعة اشخاص منهم تحت التعذيب، وجدد في بيان له – نشر في وقت سابق- مطالبته الحوثيين وحليفهم صالح بالتوقف الفوري وبشكل قطعي عن ممارسة التعذيب أو الاعتداء على المعتقلين والكشف عن مصير جميع المعتقلين والمخفيين قسريا وإطلاقهم دون مماطلة أو تسويف.
داعياً في ذات القول "المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن للضغط على جماعة الحوثي وصالح بمختلف الوسائل لوقف هذه الممارسات، وعدم الصمت تجاه هذه الانتهاكات بحق الإنسان، والعمل على إيقافها وإجبار جماعة الحوثي المسلحة وحليفها على سرعة الكشف عن المخفيين وإطلاق سراح المعتقلين تعسفيا".
متحدثاً عن احد تلك الاعتداءات، وقال ان الشاب "عبدالإله علي عايض سيلان" المعتقل منذ 19/8/2015م بصنعاء في سجن الأمن السياسي الذي تديره جماعة الحوثي او حليفها المخلوع صالح قد تعرض يوم 7 فبراير للاعتداء بالضرب بالأيدي وأعقاب البنادق وإصابته بعدة جروح نازفة في رأسه ووجهه، أمام أسرته ولا يزال وضعه الصحي بعد الحادثة مجهولا. محملاً جماعة الحوثي والمخلوع صالح المسئولية القانونية والجنائية والمسؤولية الكاملة عن سلامة الشاب المعتدى عليه وجميع المعتقلين لديهم.
من جانبة، حذر القانوني والناشط الحقوقي "أسعد عمر" من الانزلاق في جرائم ضد الانسانية اثناء الحرب لانها لا تسقط بالتقادم، وقال في حديث لـ"اليوم" يحظر القانون الدولي واتفاقيات الحقوقية التعذيب البدني والنفسي، للمعتقلين، وكذلك اسرى الحرب، فلا يجوز ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو أي إكراه علي أسرى الحرب لاستخلاص معلومات منهم من أي نوع، ولا يجوز تهديد أسرى الحرب الذين يرفضون الإجابة أو سبهم أو تعريضهم لأي إزعاج أو إجحاف، هذا اذا كان لاسرى الحرب فما بالك بالمعتقلين العاديين.
مؤكداً ان أي خرق لتلك الحقوق بأي من الوسائل والى اي مستوى تعد من جرائم الحرب المجرمة والمدانة وهي جرائم لا تسقط بالتقادم ولا تخضع للتسويات السياسية وهو ما يستوجب من الجميع العمل على تجنب الوقوع بها.
قصة معتقل سابق
"تعذيب طوال فترة السجن، وتهديد بالاغتصاب، ووجبة واحدة طوال اليوم"، باختصار تحدث الشاب مروان - اسم مستعار لسجين سابق لدى المليشيا الحوثية - عن قصة بقائة في قبضة المليشيا، خيوط حكايته بدأت، عندما ابدى سخطه من الممارسات الحوثية ونهبها مقدرات الدولة، أمام شخص ينتمي للجماعة الحوثية، ليتم اختطافه من شارع الرباط وسط صنعاء، وينقل الى قسم شرطة العلفي، من ذلك اليوم بدأت قصة عذاب استمرت ثلاثة اشهر وسبعة ايام.
تم نقل "مروان" وهو معصوب العينين من قسم العلفي، إلى مكان مجهول، وزج به في غرفة مظلمة تضم سته آخرين وضعتهم المليشيا في السجن بتهمه دعم المقاومة.
ومتابعاً مروان: "كنت اتعرض للتحقيق لساعات بتهم غريبة، مرة علاقتي بالقاعدة، ومرة ارتباطة بالشرعية ومرة تواصلي بقيادات سياسية خارج البلد، وفي كل جسلة تحقيق اتعرض للضرب بسلك كهربائي وصفع مستمر واحياناً يتم تعليقي من ارجلي في سقف غرفة التعذيب وفي ليلة هددني المحقق بالاغتصاب في حال استمررت في الانكار. وبعد عدة اسابيع تم نقل الشاب الى غرفة اخرى منفردة، وطوال فترة سجنه قال انه كان يتعرض للتعذيب والنوم في البرد بدون اغطية مع وجبة واحدة طوال اليوم. ويحاول مروان الذي يدرس في السنة الاولى بجامعة صنعاء، نسيان فترة السجن، لبشاعة ما تعرض له من تعذيب والذي لا تزال آثاره في جسده.
ويؤكد "لست القصة الوحيدة بل تتشابه مع مئات القصص لمعتقلين سابقين في سجون الحوثي السرية التي يديرها جلادو الحوثي، وباشراف قيادات ميدانية لانتزع اعترافات عن ارتباط المعتقلين بتهم تفصلها المليشيا على اجساد المعتقلين وتنشرها على انها انتصارات أمنية، لمحاولة كسب الرأي العام اليمني، الذي بات يمتلك يقين ان المليشيا لا تصنع سوى الخوف والرعب والموت".
«البشري» أول حالة تعذيب حتى الموت
مثل موت الناشط السياسي "البشري" متأثراً بالتعذيب على يد مسلحي جماعة الحوثي المسلحة في العاصمة صنعاء، ضربة قوية في جسد الجماعة التي بدأت تشهد بعض الانشقاقات والتذمر من بعض قياداتها إثر ممارسات الجماعة ضد المعارضين لانقلابها على المؤسسات الرسمية، ما انتج سخطا شعبيا كبيرا وتحركات نقابية ومدنية على الارض.
ويعد الناشط السياسي "صالح عوض البشري" اول ضحايا تعذيب المعارضين حتى الموت يتم الكشف عنه على العلن، وبحسب اقرباء الضحية فقد تم اختطافه قبل عدة ايام من أحد شوارع صنعاء رفقة عدد من اصدقائه وتم اقتياده الى سجن خاص بمعارضي الحوثي، وهناك تم تعذيبه بشكل وحشي لثلاثة ايام متتالية ليتم رميه في شارع الستين وسط مدينة صنعاء مع اصدقائه، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله الى منزله في صنعاء.
و"البشري" هو أحد حفاظ كتاب الله تعالى، ويعمل موجها تربوياً لمادة "القرآن الكريم" في مكتب التربية بمديرية الحيمة التابعة ادرايا لمحافظة صنعاء، وكان احد ابرز الشخصيات الاجتماعية في المنطقة المؤيدة لثورة 11 فبراير الشبابية. وهناك أيضا الشاب "منيف الجبري" الذي سقط ميتا بين يدي جلادي المليشيا بعد تعرضه لتعذيب وحشي، و"الجبري" من ابناء محافظة ذمار – 100 كم جنوب صنعاء - فارق الحياة بعد اسابيع من تعرضه للاعتقال على يد المليشيا، وتسلمت اسرته الجثة في نهاية يناير المنصرم، وعليها آثار تعذيب مروع، موزعة على أنحاء جسمه، وقال احد اقرباء الشاب منيف الجبري لـ"اليوم" انهم تسلموا جثة منيف وعليها آثار تعذيب وان العناصر الحوثية التي سلمتهم الجثة قالت لهم "ادفنوا صاحبكم ولا نسمع لكم صوتا"، مؤكداً ان المليشيا اتهمت منيف بالقتال ضدها في محافظة مأرب.
أماكن السجن والتعذيب
بحسب معلومات تحصلت عليها "اليوم" فإن السجن السياسي في الحي السياسيي وكذلك مقر جهاز الأمن القومي في صنعاء القديمة، هي اهم المواقع التي يتم نقل السجناء إليها لتجري هناك أبشع عمليات التعذيب بحق الأبرياء، وأكد ضابط في جهاز الشرطة لـ "اليوم" أن قسم شرطة "الوحدة" وكذلك "العلفي" و"22 مايو" و"الصافية" هي أقسام شرطة سيئة السمعة بسبب سيطرة المليشيا عليها وما يترتب عليها من ممارسات وتعذيب وتحقيقات تحت ظروف قاسية لمعارضي المليشيا.
وبحسب الضابط الذي فضل عدم الكشف عن هويته، انه وخلال عمله في شرطة مدينة صنعاء، وكان يصل الى القسم في الاشهر الاولى من الانقلاب الحوثي يومياً نحو 30- 50 شابا يومياً يتم التحقيق معهم والاعتداء عليهم بالضرب والصفع، واي شاب يشك المحققون به يتم نقله الى سجن الامن السياسي او الامن القومي او سجون أخرى مجهولة ليتم التحقيق معه بشكل اكبر وأكثر وحشية.
وتابع بالقول: "بعض الشباب يخرج وآثار الحروق من السجائر على يديه لكن كل الحالات تختفي ولا تتم إثارتها إعلامياً لأن شرط الافراج عن اي شاب يرتبط بعد الكشف عن اي تفاصيل، ويتم تحذير اسر المفرج عنهم بعدم اثارة الموضوع اعلامياً لكيلا يتم سجن ابنهم مرة اخرى.
وقال: انه مساء ذات يوم بعد اسابيع من الانقلاب جاءت اسرة شاب تم اختطافه من الشارع لمحاولة الاستفسار عن مصيره، ليتم طرد الاسرة بل ومحاولة الاعتداء على نسائها، وتم نقل الشاب الى مكان مجهول، ولم تشفع توسلات ودموع امه وشقيقاته، ليتم تلفيق تهمة للشاب حول الارتباط بالقاعدة وخلايا الاغتيالات في صنعاء.
وقال الضابط لـ "اليوم": عندما ابديت استغرابي من تلك الممارسات، قال لي مشرف الحوثي حرفياً "إما أن تعمل بصمت معنا أو تذهب إلى بيتك، ولكن لو تنطق بكلمة فسنكسر فمك".
أجانب متخصصون في التعذيب
وكشف الصحفي والكاتب المعارض لمليشيا الحوثي "عبدالله المنيفي" عن وجود "فرق خاصة من الحوثيين وأجهزة المخلوع صالح تشرف على هذه الممارسات، كما يوجد مختصون بينهم أجانب في التعذيب النفسي والاستجواب لمئات المعتقلين المدنيين" بحسب إفادات بعض المفرج عنهم.
وتابع: "هناك المئات من المعتقلين بينهم صحفيون يتعرضون لصنوف التعذيب الجسدي بالكهرباء والنار والضرب، فضلاً عن تعذيب نفسي"، مشيراً إلى أن قصصا "كنا نسمع بها" عما يتعرض له المعتقلون من أبناء صعدة المناهضين للحوثي من تعذيب في سجون المليشيا لم تكن مجرد إشاعات بل حقيقة شاهدناها خلال عام كامل من سيطرة المليشيا.
وقال لـ"اليوم" أول شخص سقط نتيجة التعذيب منذ الانقلاب الحوثي هو الشهيد البشري من أبناء منطقة الحيمة، الذي مات تحت التعذيب، ومن يومها تتالت هذه الممارسات ضد المناوئين للانقلاب والمليشيا والمناذج اصبحت كثيرة كان آخرها نهاية الإسبوع الماضي، حيث تسلمت أسرة شاب جثته بعد موته تحت التعذيب في سجن الأمن السياسي بمدينة إب الذي تسيطر عليه المليشيا، وغيرها في المحويت وحجة والبيضاء وتعز.
متابعاً: "هذه ممارسات تعتبر جرائم ضد الإنسانية تؤشر إلى أن الانقلابيين باتوا يخافون من أي شيء، فتعذيب المدنيين بهذه الصورة البشعة هو تعبير عن رعب يتملك من يقوم بهذه الأعمال فضلاً عن تأثيرها على المجتمع الذي تدع فيه جرحاً غائراً لا يمكن ان يتعافى على المدى القريب. مطالباً المنظمات الحقوقية بالقيام بدورها في استكمال توثيق هذه الأعمال وملاحقة مرتكبيها".
.