لأول مرة منذ ثلاثة عقود من النهب المنظم، تفرض القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها الكاملة على أراضي الجنوب، بعد انتصارات كاسحة في محافظتي حضرموت والمهرة مطلع ديسمبر الجاري، أطاحت بقوات الاستيلاء التي احتلت وادي وصحراء المنطقة منذ الغزو الشمالي عام 1994.
كشفت العملية العسكرية النقاب عن عشرات المنشآت غير القانونية كانت تمارس نهب النفط الخام وتكريره وتهريب مشتقاته لصالح المتنفذين والميليشيات الإيرانية، بينما يُحرم الشعب من أبسط الخدمات الأساسية.
تمثل هذه الانتصارات علامة فارقة في نضال شعب الجنوب بعد إسقاط الوحدة السلمية بالقوة العسكرية، والتي تلتها عقود من ممارسات الإقصاء والتهميش والضم القسري لكل ما هو جنوبي.
الموقع الاستراتيجي والشراكات الإقليمية:
يُطل الجنوب على شريط ساحلي ممتد لمئات الكيلومترات من باب المندب إلى محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عُمان، ما يجعله همزة وصل بين ثلاثة من أهم الممرات المائية للتجارة الدولية: قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز.
في هذا السياق، يؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي ضرورة إرسال رسائل طمأنة للمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ودول التحالف العربي، مؤكداً أن الجنوب سيظل مصدر أمن واطمئنان للمنطقة، وأن أمنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة:
أظهرت القوات المسلحة الجنوبية بلاءً حسناً في مكافحة الإرهاب الحوثي وتنظيمات القاعدة وداعش، وتعرضت لمئات الهجمات الإرهابية خلال السنوات الماضية، محققةً إنجازات ملموسة في إضعاف هذه التنظيمات.
جاء تأسيس وتدريب هذه القوات بدعم كبير من دول التحالف العربي، ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتان قدمتا دعماً شمل الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية.
حرب إعلامية وتشويه منظم:
تواجه القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي حملة تضليل إعلامية شرسة تشنها نخب شمالية مستفيدة من نهب الثروات، حيث سقطت بعض وسائل الإعلام العربية والدولية في فخ نقل أخبار مفبركة تزعم انتهاكات لحقوق الإنسان تفتقر لأبسط معايير التوثيق المهني.
تهدف هذه الحملات إلى تشويه القضية الجنوبية العادلة التي تكتسب مشروعية قانونية منذ إسقاط الوحدة بالقوة، والإساءة لعلاقة الجنوب بأشقائه في التحالف العربي.
نحو استعادة الدولة الجنوبية:
تُشكل السيطرة الحالية للقوات الجنوبية على كامل أراضي الجنوب منعطفاً مهماً في المسار نحو استعادة الدولة الجنوبية بحدودها المعروفة قبل 22 مايو 1990، بعد أن دفع الشعب الجنوبي أثماناً باهظة في سبيل انتزاع حريته وكرامته من دياجير المركز الشمالي ونخبه القبلية الدينية.