بعد 8 أشهر من الانتظار المؤلم، فاجأت صنعاء آلاف الموظفين التربويين بإعلان بدء صرف مرتبات أكتوبر 2025 رسمياً عبر مكاتب البريد اليمني. للمرة الأولى منذ بداية العام الدراسي، تنفس الموظفون الصعداء في ظل تدهور أوضاعهم المعيشية الخانقة. هذا بصيص الأمل الذي انتظرته عائلات بأكملها قد يغير مسار حياتهم، لكن السؤال المؤرق يبقى: هل ستستمر هذه المفاجأة السارة؟
انتشر آلاف الموظفين الإداريين التربويين في طوابير منظمة أمام مكاتب البريد اليمني عبر أحياء صنعاء، وعلت وجوههم ابتسامات حذرة لم تعتد السعادة منذ شهور طويلة. أحمد سالم، أب لخمسة أطفال، لم يستطع إخفاء دموع الفرح وهو يقول: "لم أصدق الخبر في البداية، ظننت أنها مجرد إشاعة كالعادة." وزارة التربية والتعليم أكدت أن "هذا الإجراء يهدف لتخفيف الأعباء المعيشية على العاملين في القطاع التربوي"، في خطوة تبدو كقطرة مطر في صحراء يباب.
القطاع التعليمي اليمني يعاني من أزمة مالية حادة منذ سنوات، حيث أثرت الحرب المستمرة بشكل مدمر على موازنة الدولة وقطاعاتها الحيوية. 87% من المعلمين لم يتلقوا رواتبهم بانتظام خلال السنوات الماضية، ومشكلة رواتب المعلمين ليست جديدة لكنها تفاقمت مع الأزمة حتى أصبح راتب المعلم اليمني مثل الضيف النادر الذي لا يأتي إلا في مناسبات خاصة. الخبراء التعليميون يؤكدون أن انتظام الرواتب ضروري لاستقرار النظام التعليمي ومنع انهياره الكامل.
عائلات المعلمين تستطيع أخيراً التنفس والتفكير في شراء الحاجات الأساسية التي حُرموا منها لشهور، بينما تشهد الأسواق المحلية حركة نسبية بعد ركود طويل. فاطمة محمد، الموظفة الإدارية، تروي بامتنان: "استطعت أخيراً شراء دواء والدتي المريضة دون أن أضطر لبيع شيء آخر من البيت." النتائج المتوقعة تشمل تحسناً نسبياً في حضور المعلمين وجودة التعليم، لكن الخبراء يحذرون من ضرورة ضمان استمرارية الصرف لتجنب عودة الأزمة مرة أخرى.
صرف رواتب أكتوبر يمثل خطوة إيجابية تستحق التقدير، لكنها تحتاج للاستمرار لتحقيق استقرار حقيقي في القطاع التعليمي. الأمل معقود على انتظام الصرف في الشهور القادمة، وعلى جميع الأطراف المعنية العمل لضمان استقرار التعليم كحق أساسي للأجيال القادمة. هل ستكون هذه بداية الاستقرار المنشود، أم مجرد هدنة مؤقتة في معركة البقاء اليومية للمعلم اليمني؟