في تطور مناخي مذهل يشهده العالم العربي لأول مرة منذ عقود، تواجه 12 دولة عربية في نفس اللحظة موجة من التقلبات الجوية العنيفة تتنوع بين عواصف غبارية تحجب الرؤية تماماً وثلوج نادرة على ارتفاع 1700 متر وأمطار رعدية مدمرة. الأرقام صادمة: إنذارات ملونة بالعشرات، رحلات جوية ملغاة بالمئات، وملايين المواطنين تحت رحمة الطبيعة الغاضبة.
"لم أشهد في حياتي المهنية تقلبات بهذا الحجم والتنوع"، تقول د. فاطمة الجوهري، خبيرة الأرصاد الجوية التي حذرت من هذه التقلبات قبل 48 ساعة. في المشهد المرعب، تسيطر عاصفة غبارية بحجم دولة لبنان على منطقة الخليج، بينما تكسو الثلوج البيضاء قمم المغرب على ارتفاعات 1500-1700 متر. أما أحمد السائق الأردني، فقد تعطل لساعات في عاصفة ترابية "كانت الرؤية منعدمة تماماً، كأنني في نفق مظلم".
الخلفية المقلقة تكشف أن هذه التقلبات تأتي بعد أيام من كوارث مناخية خلفت ضحايا وأضراراً مادية هائلة في المغرب وقطاع غزة. الخبراء يؤكدون أن تضارب الكتل الهوائية وكتل غبارية قادمة من شمال شرق الجزيرة العربية تخلق "عاصفة مثالية" تشبه كارثة 2018 الإقليمية. "نشهد تغيراً جذرياً في أنماط الطقس الإقليمية يتطلب استعداداً جديداً"، يحذر د. محمد الطقس، أستاذ علوم الغلاف الجوي.
التأثير على الحياة اليومية كارثي: شركة طيران الإمارات أعلنت إعادة جدولة عشرات الرحلات، بينما تقول سارة المسافرة العالقة في مطار دبي: "لم أتوقع إلغاء رحلتي بسبب الطقس في الخليج". المدارس أُغلقت في مناطق متعددة، الطرق السريعة مقطوعة، وفواتير الكهرباء ترتفع مع زيادة التدفئة والتكييف. لكن وسط هذه الفوضى، يحتفل المزارعون بأمطار نادرة قد تنعش الموسم الزراعي، بينما يستمتع محبو الطبيعة بمشاهد الثلوج الاستثنائية.
مع توقعات بتحسن تدريجي خلال 72 ساعة، يبقى السؤال المصيري: هل تشهد المنطقة العربية بداية حقبة جديدة من التطرف المناخي؟ الخبراء ينصحون بمتابعة نشرات الأرصاد باستمرار وتجنب السفر غير الضروري. الطبيعة أرسلت رسالتها عبر 12 دولة في وقت واحد - والأسوأ قد يكون في الطريق.
