198% - هذا هو الفرق الصادم في أسعار الذهب بين مدينتين في نفس البلد! جنيه الذهب الذي يُباع في صنعاء بنصف مليون ريال، يتجاوز مليون ونصف في عدن، في مشهد يصعب تصديقه يعكس مأساة اقتصادية حقيقية. العرائس يؤجلن زفافهن، والعائلات تبحث عن بدائل، وأصوات المساومة الحادة تملأ محلات الذهب التي باتت أشبه بمتاحف للأحلام المؤجلة.
في تطور يهز الأسواق اليمنية، تباع أونصة الذهب في عدن بثلاثة أضعاف سعرها في صنعاء، حيث يصل الفرق إلى مليون ريال كامل لجنيه واحد فقط. فاطمة أحمد، عروس من عدن تبلغ 28 عاماً، تروي صدمتها: "كنت أحلم بخاتم بسيط، لكن عندما عرفت السعر، شعرت وكأن الأرض تنهار تحت قدمي. اضطررت لتأجيل زفافي لأجل غير مسمى." أبو حسام، صائغ في عدن، يصف الوضع قائلاً: "الزبائن يصدمون عندما يرون الأسعار، البعض يبكي أمامي ولا أستطيع فعل شيء."
منذ انقسام اليمن، انقسمت أسواقه أيضاً، لتخلق واقعاً اقتصادياً مؤلماً لم تشهد البلاد مثله حتى في أصعب فترات تاريخها. الحواجز الأمنية وصعوبة النقل حولت البلد الواحد إلى دولتين اقتصادياً منفصلتين، حيث يواجه تجار الذهب مخاطر حقيقية في نقل بضائعهم بين المحافظات. د. علي الحدادي، خبير اقتصادي يمني، يحذر قائلاً: "هذا الاختلاف الفاحش يعكس عمق الأزمة الاقتصادية، والوضع قابل للانفجار إذا لم تُتخذ إجراءات سريعة لتوحيد الأسواق."
العائلات اليمنية تعيد حساباتها بألم، والتقاليد تتغير قسرياً تحت ضغط هذه الأرقام الصادمة. محمد الصنعاني، تاجر ذهب استطاع الربح من التجارة بين المنطقتين، يكشف: "الرحلة محفوفة بالمخاطر، لكن الأرباح مغرية. المشكلة أن هذا يزيد معاناة المستهلكين." موجة من تأجيل الزيجات تجتاح البلاد، وعادات المهر التقليدية تواجه تحدياً وجودياً، بينما تتساقط دموع العرائس أمام واجهات محلات الذهب التي باتت أشبه بقلاع محصنة.
فجوة 200% في الأسعار تعكس أكثر من مجرد أزمة اقتصادية - إنها تعكس تمزق النسيج الاجتماعي لبلد كان يوماً واحداً. الخبراء يحذرون من مخاطر المضاربة ويدعون المسؤولين للتحرك سريعاً قبل انهيار كامل للوحدة الاقتصادية. السؤال المؤلم يبقى: هل ستجد اليمن طريقاً لتوحيد أسواقها مرة أخرى، أم أن هذه مجرد البداية لانقسام أعمق وأكثر إيلاماً؟