في تطور يشغل بال ملايين المصريين، سجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5740 جنيهاً للبيع اليوم - رقم يعادل راتب شهر كامل لموظف حكومي مبتدئ. هذا الاستقرار النسبي يأتي بعد قرار البنك الفيدرالي الأمريكي التاريخي بخفض أسعار الفائدة للمرة السادسة، مما يضع المستثمرين والمقبلين على الزواج أمام سؤال حاسم: هل هذه فرصة ذهبية للشراء أم هدوء ما قبل العاصفة؟
أحمد محمد، موظف حكومي يحلم بشراء شبكة لخطيبته منذ عامين، يقف محتاراً أمام واجهة محل ذهب بالجمالية: "كل ما أوفر مبلغ، أجد السعر ارتفع أكثر". في المقابل، تبتسم فاطمة السيد، ربة منزل اشترت ذهباً منذ 3 سنوات بـ 4000 جنيه للجرام: "استثماري حقق مكاسب تفوق 40%، والآن أفكر في شراء المزيد". هذا التباين في المشاعر يعكس حالة الانقسام التي تسيطر على السوق بين الرابحين والحالمين.
خلف هذا المشهد المحلي، تقف قرارات عالمية مؤثرة. البنك الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس إلى 3.75%، في سادس خفض منذ بدء سياسة التيسير النقدي. "قرار واشنطن هذا يجعل الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالودائع المصرفية"، يؤكد د. محمود الجندي، خبير الأسواق المالية، "لكن التقلبات قادمة لا محالة، والحذر مطلوب". هذا التأثير العالمي على السوق المحلي يذكرنا بالمثل الشعبي: "عطسة في أمريكا تصيب مصر بالزكام".
في محلات الجمالية والسكة الجديدة، تمتلئ الواجهات ببريق الذهب تحت الأضواء، بينما تعكس وجوه المتسوقين مزيجاً من الشوق والتردد. حسام الصائغ، صاحب محل في الجمالية منذ 20 عاماً، يراقب الزحام: "الطلب لا يتوقف، حتى لو وصل السعر للسماء، فالذهب في قلوب المصريين مقدس". مع مصنعية تتراوح بين 30 و65 جنيهاً، يصبح الجرام الواحد حلماً يكلف راتب أسبوعين. الأمهات يحسبن على أصابعهن تكلفة شبكة العروس، بينما يؤجل الشباب خطوبتهم لحين "تحسن الأحوال".
الخبراء يحذرون من أن الهدوء الحالي قد يكون خادعاً. مع توقعات بتقلبات الأسواق العالمية وتأثير السياسات النقدية الأمريكية، قد نشهد موجة ارتفاعات جديدة خلال الأسابيع القادمة. النصيحة الذهبية: الشراء التدريجي وتجنب المضاربة العاطفية. فالذهب يبقى ملاذاً آمناً، لكن التوقيت المناسب يحتاج لصبر الصائغ ومهارة التاجر. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نشهد فرصة استثمارية حقيقية، أم أن السوق يعدّ لنا مفاجآت قاسية أخرى؟
