في تطور مؤثر يعيد بصيص الأمل لآلاف الأسر اليمنية المحطمة، أعلنت وزارة الدفاع اليوم صرف مرتبات شهر أغسطس لأسر الشهداء والمصابين، في خطوة تعني الفرق بين الجوع والشبع لعائلات بأكملها. الراتب الواحد يساوي قوت أسرة كاملة لشهر كامل، وبعد انتظار طويل كانتظار المطر في الصحراء، بدأت طوابير الأمل تتشكل أمام فروع بنك الكريمي في جميع المحافظات المحررة.
أم محمد، الأرملة البالغة من العمر 45 عاماً والتي تعيل أربعة أطفال، وقفت منذ الساعات الأولى أمام البنك وعيناها تفيضان بالدموع. "هذا الراتب هو خيط الأمان الوحيد لأسرتي منذ استشهاد زوجي"، تقول بصوت مرتجف. وأكد أحمد الكريمي، مدير فرع البنك، أن فرقه تعمل ليل نهار لضمان وصول المرتبات لمستحقيها في أسرع وقت ممكن، مضيفاً أن عملية الصرف تشمل جميع المثبتين على دائرة الرعاية الاجتماعية.
تأتي هذه الخطوة في ظل حرب مدمرة مستمرة منذ عقد كامل، خلفت وراءها مئات الآلاف من الشهداء والمصابين، وأسراً محطمة تعتمد بالكامل على هذه المرتبات. د. علي الحدادي، خبير الشؤون الاجتماعية، يؤكد أن هذا الدعم يمثل شريان الحياة الوحيد لعائلات ضحت بالغالي والنفيس دفاعاً عن الوطن. النظام الحكومي للرعاية الاجتماعية، الذي يحاكي معاشات قدامى المحاربين في الحروب العالمية، يواجه تحديات مالية هائلة بسبب الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد.
فاطمة أحمد، ابنة أحد المصابين، تصف لحظة تلقي والدها للراتب بأنها "فرحة غامرة تختلط بحزن عميق لتذكر التضحيات". هذه المرتبات لا تعني فقط المال، بل تعني إمكانية دفع إيجار البيت، وشراء الدواء، وإرسال الأطفال للمدرسة. تحسن مؤقت في الأوضاع المعيشية ينتظره الآلاف، لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان استمرارية هذا الدعم وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
وبينما تتصاعد أصوات الامتنان من المستفيدين، تتعالى المطالب بتوسيع دائرة التغطية لتشمل المزيد من الأسر المحتاجة. هذا القرار يمثل وفاءً لتضحيات الأبطال، لكن السؤال المحوري يبقى: هل ستكفي هذه المرتبات لتأمين حياة كريمة لأسر دفعت الثمن غالياً، وهل ستستمر الحكومة في الوفاء بهذا الالتزام المقدس تجاه عائلات الشهداء والمصابين؟