في تطور جوي مرعب يشهده التاريخ السعودي، تواجه المملكة عاصفة شاملة تضرب 11 منطقة في آن واحد بقوة تدميرية لم تشهدها البلاد منذ سنوات طويلة. أكثر من 50 مدينة ومحافظة تحت رحمة العناصر الطبيعية الهائجة، مع انعدام تام للرؤية يصل إلى أقل من كيلومتر واحد في بعض المناطق، وتحذيرات حمراء تصدح في أرجاء المملكة محملة برسالة واضحة: كل دقيقة تأخير في اتخاذ الاحتياطات قد تكلف حياة.
المركز الوطني للأرصاد يؤكد أن ما يحدث اليوم يفوق توقعات الخبراء، حيث تشهد منطقة الرياض وحدها مشهدين كارثيين متزامنين. أحمد المطيري، سائق من الرياض، يروي لحظات الرعب: "لم أستطع رؤية السيارة أمامي على بعد متر واحد، كان الأمر كالقيادة داخل نفق أبيض لا نهاية له." والأرقام تتحدث عن كارثة حقيقية: أمطار غزيرة تضرب 12 محافظة في القصيم وحدها، مصحوبة برياح عاتية وتساقط برد مدمر يقرع الأسطح كطبول الحرب.
الخبراء يربطون هذه العاصفة الاستثنائية بتكون منخفض جوي نادر الحدوث، مشابه لما شهدته المملكة في شتاء 2018 الذي ترك أضراراً جسيمة طالت البنية التحتية لأسابيع. د. سارة العتيبي، خبيرة الأرصاد الجوية، تحذر: "التغيرات المناخية جعلت هذه العواصف أكثر شدة وأطول مدة من المعتاد." الضباب الكثيف الذي يلف 7 مناطق كالكفن الأبيض يحول دون رؤية أبسط التفاصيل، بينما تتصاعد أصوات هدير الرياح وقرقعة البرد في سيمفونية مرعبة تملأ سماء المملكة.
الحياة اليومية لملايين السعوديين تحولت إلى كابوس مؤقت، حيث تم إلغاء المئات من رحلات الطيران وإغلاق طرق رئيسية حيوية، بينما يضطر الآباء لتأجيل خطط العمل والأطفال لترك المدارس. فاطمة القحطاني من عسير تصف المشهد: "الضباب كان مثل جدار أبيض عملاق يحيط بمنزلنا، لم نعد نرى حتى الشارع المقابل." في المقابل، يشهد المزارعون فرحة حذرة، حيث تحمل هذه الأمطار الغزيرة وعداً بتحسين المخزون المائي وإنعاش الأراضي الزراعية، رغم المخاطر الآنية التي تواجههم.
مع استمرار التحذيرات الحمراء حتى صباح الأربعاء، تدعو الجهات المختصة المواطنين للبقاء في منازلهم وتجنب التنقل غير الضروري. السيناريو الأمثل ينبئ بانتهاء العاصفة خلال 48 ساعة، لكن التوقعات تشير لاحتمالية امتداد بعض التأثيرات لأيام إضافية في المناطق الأكثر تضرراً. نظام الإنذار المبكر السعودي يواصل عمله بكفاءة استثنائية، محذراً من تجمعات المياه التي قد تتحول لسيول جارفة دون سابق إنذار. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أنت مستعد لمواجهة غضب الطبيعة، أم ستترك الصدفة تقرر سلامتك وسلامة من تحب؟