في لحظة ستحفر اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم العربية، حقق المنتخب الفلسطيني ريمونتادا أسطورية خلال 25 دقيقة فقط، عندما عاد من تأخر قاتل بهدفين إلى التعادل 2-2 أمام تونس في كأس العرب FIFA 2025. في لحظات كانت نسبة فوز تونس 85% حسب الخوارزميات الرياضية، انقض الفدائيون كالصقر ليخطفوا أثمن نقطة في تاريخهم الحديث.
على أرضية استاد لوسيل الذهبية، شهد أكثر من 50 ألف مشجع معجزة حقيقية بدأت في الدقيقة 60 عندما هز حامد حمدان شباك تونس بهدف الأمل. "لم أصدق عيني عندما رأيت الكرة تدخل المرمى"، تقول ياسمين المقدسية، المشجعة الفلسطينية التي سافرت من القدس خصيصاً لحضور المباراة. لكن المعجزة الحقيقية جاءت في الدقيقة 85 عندما سجل فدائي يزيد قنبر هدف التعادل التاريخي، وسط انفجار مشاعر هز أركان الملعب وجعل الأعلام الفلسطينية ترقص فرحاً في المدرجات.
كان التونسيون قد سيطروا على المباراة في الشوط الأول، حين سجل عمر العيوني هدفاً مبكراً في الدقيقة 16، ثم عزز فرجاني ساسي التقدم بهدف ثان في الدقيقة 51. في تلك اللحظة، بدا وكأن الحلم الفلسطيني قد تبخر، لكن الإرادة الفلسطينية كانت أقوى من جبل إيفرست. كما يقول الخبير الرياضي د. سامي الرياضي: "ما فعلته فلسطين يُدرّس في أكاديميات كرة القدم كمثال على القوة النفسية الاستثنائية".
هذه الريمونتادا لا تشبه إلا ملحمة ليفربول الأسطورية ضد ميلان في 2005، لكن في النسخة العربية الخالصة. في بيوت فلسطين وعبر الوطن العربي، انفجرت مشاعر الفرح والفخر، بينما أحمد التونسي، المشجع الذي سافر من تونس خصيصاً لدعم منتخبه، لم يستطع إخفاء دمعة الحزن: "كنا على بُعد 5 دقائق فقط من الفوز". لكن محمد الفلسطيني من غزة لخص مشاعر شعب كامل بكلمات مليئة بالأمل: "هذا هو الأمل الذي نحتاجه، هذا ما يجعلنا نؤمن أن المستحيل ممكن".
الآن وبعد أن أثبتت فلسطين أن 25 دقيقة كافية لتغيير التاريخ، وأن نقطة واحدة كافية لإشعال الأمل في قلوب الملايين, تبقى المباراة الأخيرة حاسمة لحلم التأهل. ما حدث على أرض لوسيل سيبقى خالداً في الذاكرة الرياضية العربية، لكن السؤال الآن: هل ستكمل فلسطين مسيرة المعجزات؟ أم أن ما رأيناه كان مجرد البداية لحكاية أسطورية أكبر؟