في تطور عاجل هز العالم الإسلامي، أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً رفع الحظر المؤقت عن التأشيرات لمواطني 14 دولة عربية وإسلامية، بعد تعليق دام أربعة أشهر كاملة. القرار الذي جاء بعد انتهاء موسم الحج 2025 بنجاح، أعاد الأمل لأكثر من مليار مسلم كانوا محرومين من أداء العمرة وزيارة الحرمين الشريفين منذ فبراير الماضي.
كان الحظر قد فُرض في أعقاب حادثة التدافع المأساوية لعام 2024 التي أودت بحياة 1200 حاج، في واحدة من أكبر الكوارث في تاريخ الحج الحديث. أحمد محمود، المهندس المصري الذي كان يخطط لأول عمرة مع والدته المسنة، يروي لحظة سماعه بالخبر: "شعرت وكأن حملاً ثقيلاً رُفع عن صدري... أخيراً سنتمكن من تحقيق حلمنا في زيارة بيت الله الحرام." الدول التي شملها القرار هي مصر والعراق والجزائر والسودان وتونس والمغرب واليمن والأردن، إضافة إلى الهند وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا ونيجيريا وإثيوبيا.
الإجراءات الجديدة لم تأت من فراغ، فالسلطات السعودية اتخذت خطوات جذرية لتطوير أنظمة إدارة الحشود وتقنيات السلامة المتقدمة. د. فاطمة الزهراني، خبيرة تنظيم الحشود، تؤكد: "ما شهدناه من تطوير تقني وتنظيمي خلال الأشهر الماضية يضع معايير جديدة لسلامة الحجاج." الحظر الذي بدا قاسياً في البداية، كان بمثابة فرصة ذهبية لإعادة هندسة كامل منظومة استقبال ضيوف الرحمن، مثلما يعيد المهندس تصميم جسر بعد انهياره ليصبح أقوى وأكثر أماناً من السابق.
التأثير على حياة الملايين كان عميقاً وملموساً. فاطمة أوسمان من السودان، التي فقدت شقيقها في حادثة التدافع، تقول بصوت مخنوق بالدموع: "رغم الألم الذي نعيشه، أؤيد أي إجراء يمنع تكرار هذه المأساة... اليوم أشعر بالأمان أكثر عند التفكير في العمرة." وكالات السفر الدينية بدأت بالفعل في استقبال طوابير من الحجوزات المتراكمة، بينما المطارات في الدول المعنية تشهد حركة غير مسبوقة من المسافرين المتلهفين لتعويض الأشهر المفقودة. النتائج المتوقعة تشير إلى موسم عمرة استثنائي بمعايير سلامة لم يشهدها التاريخ من قبل.
رفع الحظر يمثل نهاية فصل مؤلم وبداية عهد جديد من الثقة والأمان في الحرمين الشريفين. الخبراء يتوقعون تدفق نحو 3 ملايين معتمر في الأشهر الثلاثة القادمة، بينما الأنظمة الجديدة جاهزة لاستقبالهم بأعلى معايير السلامة العالمية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستصبح هذه التجربة المؤلمة نقطة تحول تاريخية تعيد تعريف مفهوم الأمان في رحلة العمر المقدسة؟