في تطور اقتصادي صادم يكشف عمق الأزمة اليمنية، سجلت أسعار صرف الريال اليمني انقساماً تاريخياً مرعباً بفارق 203% بين صنعاء وعدن، حيث يحتاج المواطن في عدن إلى 1083 ريالاً إضافياً لشراء دولار واحد مقارنة بصنعاء. هذا الانقسام المذهل، الأسوأ منذ انقسام ألمانيا الشرقية والغربية، يهدد بانهيار اقتصادي كامل قد يحول اليمن إلى دولة بعملتين منفصلتين.
بأرقام مدمرة تعكس حجم الكارثة، وصل سعر صرف الدولار في عدن إلى 1629 ريالاً مقابل 536 ريالاً فقط في صنعاء، بينما يواجه الريال السعودي فجوة مماثلة بـ427 ريالاً في عدن مقابل 140 ريالاً في صنعاء. أحمد المحضار، موظف حكومي من عدن، يصف معاناته بألم: "راتبي 80 ألف ريال لا يساوي 50 دولاراً بسعر عدن، بينما زميلي في صنعاء يحصل على 150 دولاراً بنفس الراتب!" هذا التفاوت الصارخ خلق طوابير طويلة أمام الصرافات وأصوات مساومة حادة تملأ الأسواق اليمنية.
جذور هذا الانهيار تمتد إلى عام 2015 مع اندلاع الحرب وانقسام السلطة بين الشمال والجنوب، مما أدى إلى تعدد البنوك المركزية وغياب السياسات النقدية الموحدة. د. محمد الشامي، الخبير الاقتصادي، يحذر قائلاً: "نشهد أسوأ انقسام عملة في التاريخ الحديث، والوضع خارج عن السيطرة تماماً." هذا الانقسام، المدعوم بالحصار الاقتصادي وتوقف صادرات النفط، حول الريال اليمني من 215 ريال للدولار في 2015 إلى هذه المستويات الكارثية.
التأثير المدمر لهذا الانقسام يخترق كل منزل يمني، حيث تصف فاطمة السالمي، ربة بيت من عدن: "كيلو السكر الذي أشتريه بـ4000 ريال، يشتريه أهل صنعاء بـ1300 ريال فقط!" هذا التفاوت يعني أن 270 وجبة طعام إضافية يمكن شراؤها بفارق السعر للدولار الواحد. المضاربون مثل سالم القدسي يستفيدون من الفوضى، بينما يتآكل راتب الموظف البسيط كالثلج تحت الشمس، مما يهدد بموجة هجرة جماعية من المناطق ذات الأسعار المرتفعة.
مع استمرار هذا الانقسام المرعب، يطرح السؤال المصيري نفسه: كم يوماً ستصمد العملة اليمنية قبل الانهيار الكامل؟ الخبراء يدقون ناقوس الخطر محذرين من تحول اليمن إلى نظام المقايضة، بينما تتصاعد الدعوات للتدخل الدولي العاجل لتوحيد النظام النقدي قبل فوات الأوان. الوقت ينفد سريعاً، وكل دقيقة تأخير تعني المزيد من المعاناة لـ30 مليون يمني محاصرين في هذا الكابوس الاقتصادي.