في مفاجأة صادمة تحدت كل التوقعات، تثبت العملة اليمنية عند نفس الأرقام لـ 90 يوماً متتالياً - 1625 ريال مقابل الدولار الواحد، رقم كان مستحيلاً تصوره قبل عقد من الزمن. للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يستيقظ اليمنيون على أسعار صرف ثابتة، في إعجازة نقدية حقيقية وسط بحر من الفوضى الاقتصادية.
تشهد أسواق الصرف في العاصمة عدن والمحافظات المحررة مشهداً لم تعهده منذ بداية الصراع - أسعار ثابتة لا تتغير. الدولار الأمريكي يتراوح بين 1617 و1630 ريال، بينما الريال السعودي عند 425-428 ريال يمني. "هذا أطول استقرار نقدي نشهده منذ 2014، شعور غريب ألا تتغير الأسعار كل ساعة"، يقول أحمد الصرّاف، أحد تجار العملة في عدن، وهو يتأمل شاشات الأسعار الثابتة أمامه.
خلف هذا الاستقرار المدهش قصة عقد كامل من الانهيار المتواصل، حيث تراجعت قيمة الريال اليمني بنسبة 1530% من سعره قبل الحرب البالغ 250 ريال للدولار. البنك المركزي بعدن، بقيادة محافظه د. عبدالوهاب الشاهر، نجح في كبح جماح التدهور من خلال تدخلات حاسمة وسياسات تثبيت الصرف، محققاً ما يعتبره الخبراء "معجزة في ظل العاصفة".
هذا الاستقرار النسبي يلامس حياة ملايين اليمنيين بشكل مباشر. فاطمة علي، التاجرة الصغيرة في عدن، تتنفس الصعداء: "أستطيع الآن التخطيط لمشترياتي الشهرية دون خوف من مفاجآت الأسعار". بينما يحذر د. نبيل الأوضاحي، الخبير الاقتصادي: "الاستقرار الحالي هش كخيط عنكبوت، يحتاج لإصلاحات هيكلية عميقة لضمان استدامته". السيناريو الأكثر احتمالاً يشير لاستمرار هذا الوضع مع تذبذبات طفيفة، لكن أي تطور سياسي مفاجئ قد يقلب الطاولة.
رغم بصيص الأمل هذا، تبقى العملة اليمنية في العناية المركزة الاقتصادية. مليون ريال يمني - ثروة بمقاييس اليوم - لا يساوي سوى 614 دولار، أقل من راتب عامل أمريكي لأسبوع واحد. مستقبل الريال اليمني مرتبط عضوياً بالاستقرار السياسي وإنهاء الصراع المدمر. السؤال الذي يطرحه الجميع: هل سيصمد هذا الاستقرار الهش أم أنه مجرد هدوء خادع قبل عاصفة جديدة؟