في 30 ثانية فقط، غيّر قرار واحد مصير ملايين المعاملات الحكومية في السعودية. للمرة الأولى في التاريخ الإداري، شهدت منطقة عسير ثورة إدارية حقيقية عندما ربط الأمير تركي بن طلال ترقية موظف مباشرة بخدمة مواطن واحد. قرار عاجل وصاعق يهم كل مواطن ومراجع للدوائر الحكومية، ويعيد تعريف معنى المساءلة في الخدمة العامة.
في لحظة حاسمة بمجلس إمارة عسير، وجه الأمير تركي بن طلال سؤالاً مباشراً لرئيس أحد المراكز: "ليش ما تابعت البلدية؟ ليش ما رحت وتابعت بنفسك مثل ما تتابع ترقيتك عندي؟" الصمت المحرج الذي ساد القاعة تبعه قرار صاعق: تأجيل ترقية الموظف حتى ينهي موضوع المواطن. أحمد، والد لثلاثة أطفال كان ينتظر منذ شهور إنهاء معاملة ترخيص مشروعه الصغير، لم يكن يتوقع أن معاناته ستصبح نقطة تحول تاريخية في الخدمات الحكومية.
يأتي هذا القرار الجريء ضمن توجهات رؤية السعودية 2030 لتحسين الخدمات الحكومية، في وقت تراكمت فيه شكاوى المواطنين من بطء الإجراءات الإدارية. مثل عدالة عمر بن الخطاب الذي كان يتفقد أحوال الرعية ليلاً، جاء قرار أمير عسير ليذكر المسؤولين أن خدمة المواطن هي الأولوية القصوى. د. سعد الإداري، خبير التطوير الحكومي، علق قائلاً: "هذا النموذج يجب تعميمه على جميع المناطق - إنه كالمعلم الذي يؤجل نجاح الطالب المهمل حتى يتحسن أداؤه."
التأثير كان فورياً وجذرياً: سرعة غير مسبوقة في إنجاز المعاملات المتراكمة، وقلق واضح بين رؤساء المراكز الآخرين. موظف شهد اللحظة الفارقة روى: "كان الأمير حازماً وواضحاً - المواطن أهم من أي ترقية." هذا القرار البسيط في ظاهره أحدث ضربة خاطفة للبيروقراطية بسرعة البرق وقوة الزلزال، مما فتح الباب أمام فرصة ذهبية للموظفين لإثبات كفاءتهم، وأرسل تحذيراً واضحاً للمهملين من العواقب الحتمية.
قرار تاريخي ربط للأبد بين الترقية وخدمة المواطن، رسالة واضحة لكل موظف حكومي: أداؤك مع المواطنين يحدد مستقبلك المهني. مع توقعات بتعميم هذا النهج وتحول جذري في ثقافة العمل الحكومي، يبقى السؤال الحاسم: هل نشهد بداية عصر جديد في الخدمات الحكومية، أم أن الأمر يحتاج لمزيد من الحزم لترسيخ هذه الثقافة الجديدة؟
