في كشف مذهل هز أوساط التراث العالمي، كشفت مكتبة الملك عبد العزيز العامة النقاب عن كنوز تراثية لا تقدر بثمن ظلت مخفية لأكثر من 100 عام كاملاً. ثلاث نسخ فقط في العالم كله من أندر مجموعة صور للحرمين الشريفين، صور عمرها قرن لم تُنشر من قبل، تحكي قصة الحج كما لم تراها عيناك. هذه اللحظة التاريخية الفارقة تُعرض لأول مرة أمام الجمهور قبل أن تختفي إلى الأبد في خزائن التاريخ المنسي.
تضم هذه المجموعة الاستثنائية 365 صورة أصلية التقطها المصور المصري أحمد باشا حلمي بتكليف من الملك فاروق، توثق دخول الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مكة والمدينة في مشاهد تاريخية خلابة. "عندما رأيت هذه الصور لأول مرة أصابتني قشعريرة، كأنني أسافر عبر الزمن"، تقول الباحثة فاطمة المرزوقي وعيناها تدمعان. المجموعة الشهيرة للواء محمد صادق باشا تحتوي على صور مرجعية للحرمين الشريفين نادرة كنادرة الماس الأزرق، حيث تشارك في إنتاج فيلم وثائقي ضخم أكثر من 2000 شخص من 24 دولة.
هذا الاكتشاف ليس صدفة، بل ثمرة جهود متواصلة لأكثر من 40 عاماً من البحث والتوثيق في إطار رؤية السعودية 2030 لبناء سياحة ثقافية مستدامة. كما اكتشف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ آمون، اكتشفت المكتبة كنز الحج المفقود الذي يربط بين رحلة ابن بطوطة في القرن الرابع عشر والحج المعاصر. يؤكد د. أحمد التراثي، أستاذ التاريخ الإسلامي: "هذه المجموعة تعيد كتابة تاريخ الحج المصور بالكامل". الفيلم الوثائقي "أعظم الرحلات" الذي حاز ثلاث جوائز دولية في مهرجانات هيوستن وبوسطن وباريس، يحمل رسالة السلام والتسامح عبر مشاهد مذهلة بتقنية IMAX.
هذه الكنوز التراثية تضرب القلب بقوة الإعصار، فهي ليست مجرد صور قديمة، بل آلة زمن حقيقية تنقلك لترى الحج كما عاشه أجدادنا. عبدالله الحاج المسن، 78 عاماً، يبكي وهو يشاهد صور الحج القديمة قائلاً: "هكذا كان حجي الأول قبل 50 عاماً، نفس المشاعر ولكن بصعوبات لا يتخيلها جيل اليوم". المجموعة تشمل أيضاً 165 صورة نادرة للمصور البرازيلي همبرتو دا سلفيرا الذي أمضى 12 سنة من التوثيق المتواصل للمملكة قبل مرحلة التحديث المعاصر. د. سارة المالكي، أمينة المكتبة التي كرست 15 عاماً لجمع هذه الكنوز، تؤكد أن زيادة الإقبال على زيارة المكتبة فاقت كل التوقعات.
في عصر يتسارع فيه اندثار التراث، تقف هذه المجموعة كشاهد حي على عظمة تاريخ الحج الإسلامي وجهود المملكة الرائدة في خدمة ضيوف الرحمن. هذا الكشف التاريخي يفتح آفاقاً جديدة للسياحة الثقافية ويعمق الروابط الروحية بين المسلمين وتاريخهم المجيد. فرصة نادرة لا تُعوض للاطلاع على هذا التراث الثمين قبل أن يعود إلى صمت الأرشيف. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من كنوز تراثية أخرى ما زالت مخبأة في انتظار من يكتشفها؟