في تطور مؤلم يعكس حجم المأساة الإنسانية، يُجبر أكثر من 3 ملايين يمني يومياً على سلوك طرق بديلة مرهقة تستغرق ساعات إضافية، لأن منفذاً حدودياً واحداً مغلقاً حوّل أحلامهم في لقاء الأحباب إلى رحلة عذاب حقيقية. والصادم أن هذا المنفذ الوحيد يجبر ملايين البشر على رحلة إضافية تعادل المسافة بين القاهرة ودمشق، فقط للوصول إلى أقرب نقطة عبور متاحة.
أحمد المحويتي، مغترب يمني في السعودية منذ 15 عاماً، لم يتمكن من زيارة أسرته منذ عامين كاملين. "كانت الرحلة إلى قريتي تستغرق 3 ساعات فقط عبر منفذ الطوال، اليوم تحولت إلى رحلة 9 ساعات مُدمرة تكلف 300% أكثر من السابق" يقول أحمد وعيناه تفيضان بالحسرة. المؤلم أن آلاف المسافرين والتجار يواجهون نفس المحنة يومياً، حيث تتراكم طوابير السيارات لكيلومترات في نقاط العبور البديلة، بينما تملأ أصوات المحركات المُجهدة والبكاء المكتوم أجواء المنطقة الحدودية.
منفذ الطوال-حرض لم يكن مجرد نقطة عبور عادية، بل كان الشريان الحيوي الذي يربط بين ملايين القلوب المشتاقة على جانبي الحدود. قبل إغلاقه، كان هذا المنفذ يشهد عبور أكثر من 15 ألف مسافر يومياً ومئات الشاحنات التجارية، مما جعله أشبه بمحطة قطار سريع تنقل الأرواح والأحلام بين البلدين. د. محمد الحضرمي، خبير العلاقات الخليجية، يؤكد: "إعادة فتح هذا المنفذ ضرورة إنسانية قبل أن تكون اقتصادية، فهو يخدم منطقة بحجم لبنان كاملة".
فاطمة أحمد، أم لخمسة أطفال زوجها يعمل في السعودية، تروي معاناتها: "أطفالي لا يتذكرون وجه والدهم، والمكالمات الهاتفية لا تكفي لملء فراغ الحضن الدافئ". قصتها تتكرر في آلاف البيوت اليمنية، حيث حوّل إغلاق المنفذ العائلات إلى أرقام في إحصائيات الفراق القسري. المناطق الحدودية التي كانت تعج بالحياة والتجارة، تحولت إلى مناطق صامتة تنتظر عودة الروح إليها، بينما يحلم سالم التهامي، التاجر الحدودي، بعودة الأيام الذهبية حين كان يشهد ازدهاراً تجارياً يعيد الحياة لآلاف الأسر.
اليوم، بينما تتصاعد الأصوات المطالبة بإعادة فتح هذا الشريان المقطوع، تبرز تساؤلات مصيرية حول مستقبل ملايين الأرواح المعلقة بين الأمل والانتظار. الخبراء يتوقعون فتحاً تدريجياً خلال الأشهر القادمة، مشروطاً بضمانات أمنية مشددة، لكن السؤال الحارق يبقى: هل ستبقى ملايين الأسر رهينة لإغلاق منفذ واحد، أم أن 2025 سيشهد انفراجة تاريخية تعيد لم الشمل إلى قلوب تنتظر منذ سنوات؟