الرئيسية / من هنا وهناك / تحقيق: لماذا احترق 17 راكباً وهم محتجزون داخل باص شركة صقر الحجاز في أبين؟
تحقيق: لماذا احترق 17 راكباً وهم محتجزون داخل باص شركة صقر الحجاز في أبين؟

تحقيق: لماذا احترق 17 راكباً وهم محتجزون داخل باص شركة صقر الحجاز في أبين؟

نشر: verified icon رغد النجمي 07 نوفمبر 2025 الساعة 05:05 صباحاً

في مأساة هزت اليمن بأكمله، سجلت محافظة أبين حادثاً مروعاً حين احترق 17 راكباً أحياء داخل باص شركة "صقر الحجاز للنقل البري" بعد احتجازهم داخل المركبة المشتعلة. الحادث الذي وقع في طريق العرقوب الجبلي كشف عن حقائق صادمة تثير تساؤلات جوهرية حول أنظمة السلامة وآليات الطوارئ في وسائل النقل العام، في كارثة وصفها شهود عيان بأنها "جحيم لا يمكن تخيله".

تبدأ المأساة عندما فقد سائق الباص السيطرة على مركبته في أحد المنعطفات الخطيرة، ليتصادم الباص ويحتجز 24 راكباً بداخله. الكارثة الحقيقية كانت في اللحظات التالية حين اندلعت النيران وانغلق الباب الرئيسي بفعل التصادم، محاصراً الركاب داخل ما تحول إلى فرن متنقل. سالم أحمد، أحد الناجين السبعة، يروي بصوت مرتجف: "كسرت النافذة بكوعي المكسور وتمكنت من الخروج، لكن صراخ الآخرين المحتجزين بالداخل سيطاردني طوال حياتي". النيران التي انتشرت بسرعة البرق لم تمهل أحداً، حيث مات 17 شخصاً حرقاً فيما نجا 7 آخرون بأعجوبة.

الحادث ليس معزولاً في سياق أوسع من إهمال قطاع النقل العام في اليمن، حيث تشير الإحصائيات إلى تكرار حوادث مماثلة بسبب ضعف الرقابة الحكومية وتجاهل شركات النقل لمعايير السلامة. طريق العرقوب الجبلي، الذي وصفته شركة "صقر الحجاز" نفسها بأنه من "الطرق السيئة"، شهد حوادث متعددة سابقاً دون اتخاذ إجراءات جدية لتحسين الوضع. د. عبدالله الحكيمي، خبير سلامة النقل، يؤكد أن 90% من حوادث الباصات قابلة للتجنب بالصيانة الدورية والتزام معايير السلامة، مضيفاً أن غياب أنظمة الطوارئ الفعالة يحول أي حادث بسيط إلى كارثة إنسانية.

تتزايد المطالبات الشعبية والرسمية بضرورة فتح تحقيق شامل يشمل عدة محاور حيوية: فحص تقني شامل لحطام الباص لتحديد مدى التزام الشركة بمعايير السلامة، خاصة آليات فتح الأبواب في حالات الطوارئ، والتحقيق في مسؤولية السائق وحالته الصحية قبل الرحلة، ومراجعة التراخيص الممنوحة للعمل على الطرق الخطيرة. أم محمد، والدة إحدى الضحايا البالغة من العمر 28 عاماً، تقول بحرقة: "ابنتي كانت عائدة من العمل لرؤية أطفالها، لم تتخيل أن رحلة عادية ستكون الأخيرة في حياتها". هذه القصص الإنسانية المؤلمة تضع الضوء على الثمن الباهظ للإهمال في قطاع حيوي يستخدمه ملايين المواطنين يومياً.

تتطلب هذه المأساة أكثر من مجرد تعازي وبيانات، بل تحقيقاً جدياً يضمن محاسبة كل مقصر وتعويضاً عادلاً لأسر الضحايا. المطالبات تركز على ضرورة إصلاح شامل لقطاع النقل العام يشمل تطوير أنظمة السلامة، تدريب السائقين، وتشديد الرقابة على شركات النقل. السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: كم من الأرواح البريئة يجب أن تُزهق حرقاً قبل أن ندرك أن سلامة المواطنين ليست رفاهية بل حق أساسي لا يمكن التفريط فيه؟

شارك الخبر