في تطور يُعيد كتابة خريطة الاستثمار في المنطقة، تشهد مدينة المخا التاريخية نهضة اقتصادية مذهلة تحولها من ميناء منسي إلى العاصمة الاقتصادية الجديدة لليمن على البحر الأحمر. بعد قرون من الصمت، يتدفق المستثمرون ورجال الأعمال بأعداد غير مسبوقة نحو هذا الميناء العريق، في مشهد يذكرنا بنهضة دبي من قرية صيادين إلى مركز تجاري عالمي.
كشفت مصادر دبلوماسية عن خطة شاملة طموحة تهدف لإعادة المخا إلى خريطة التجارة العالمية، مع تركيز خاص على مشاريع الموانئ والخدمات اللوجستية والسياحة البحرية. "سالم الاستثماري"، رجل أعمال يمني، باع جميع أصوله في عدن وراهن على مستقبل المخا قائلاً: "هذه فرصة العمر، المخا ستصبح جسر اليمن نحو العالم." وقد شهدت الأشهر الأخيرة تدفقاً محموماً للاستثمارات، حيث ترتفع أصوات الرافعات والبناء لتملأ أجواء المدينة التي تنهض من رماد التاريخ.
يعود تاريخ المخا لآلاف السنين كأحد أهم موانئ طريق التوابل والقهوة المخاوية الشهيرة عالمياً، وقد شهد الميناء ازدهاراً تجارياً عظيماً ربط بين آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر. الاستقرار الأمني النسبي الذي تنعم به المنطقة حالياً، إلى جانب الموقع الاستراتيجي المطل على أحد أهم الممرات التجارية العالمية، جعل من المخا مغناطيساً قوياً يجذب رؤوس الأموال. د. محمد الاقتصادي، خبير الموانئ، يؤكد: "المخا قادرة على منافسة موانئ جبل علي خلال عقد واحد، إذا استُثمر فيها بذكاء."
تشهد الحياة اليومية في المخا تحولاً جذرياً، حيث تروي "فاطمة السكانية"، المقيمة بالمدينة منذ 30 عاماً: "أرى مبانٍ حديثة تنمو كالفطر، وأصوات النشاط التجاري تملأ الشوارع بعد سنوات من الصمت." المشاريع الجديدة تعد بخلق آلاف فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية، بينما يتوقع الخبراء أن تصبح المخا البوابة التجارية الرئيسية التي تربط بين آسيا وإفريقيا، مما يضع اليمن مرة أخرى على خريطة التجارة العالمية. التحدي الأكبر يكمن في ضرورة التخطيط المحكم والاستثمار المدروس لضمان استدامة هذا النمو الاقتصادي الواعد.
المخا اليوم تقف على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، حيث تستعيد مجدها العريق بثوب عصري وتقنيات متطورة. هذا القطار الاقتصادي المتسارع يحمل معه أحلام شعب كامل بمستقبل أفضل ومكانة اقتصادية مميزة في المنطقة. هل ستكون جزءاً من نهضة المخا الجديدة، أم ستقف تشاهد التاريخ يُصنع من بعيد؟