في 8 أشهر فقط، سجل مستشفى ذمار العام كارثة صحية مروعة: 3 أطفال أبرياء فقدوا حياتهم بسبب داء السعار - مرض قابل للوقاية 100% لكنه يحصد الأرواح بلا رحمة. هذه ليست مجرد أرقام، بل حقيقة مذهلة ومؤلمة: كل دقيقة تأخير قد تعني وفاة طفل آخر، في وقت تصارع فيه أسر يمنية بين الحياة والموت لإنقاذ أطفالها.
أحمد، 7 سنوات، كان يلعب قرب منزله عندما عضه كلب ضال، ولم تكن عائلته تعلم أن هذه العضة البسيطة ستكون قاتلة. "شاهدت طفلي يعاني ولم أستطع فعل شيء"، تقول والدته بصوت مختنق بالدموع. د. فاطمة الحكيمي، رئيسة قسم الطوارئ في مستشفى ذمار، تكافح يومياً لإنقاذ الأرواح رغم نقص الإمكانيات: "نواجه كارثة صحية حقيقية، معدل وفاة 100% بعد ظهور الأعراض، وليس لدينا اللقاحات الكافية".
الحرب المستمرة منذ 2014 دمرت النظام الصحي اليمني تماماً، وانهارت الخدمات البيطرية مما أدى إلى انتشار الكلاب الضالة بشكل مخيف. د. محمد العامري، أخصائي الأمراض المعدية، يحذر: "هذا مثل أوبئة القرون الوسطى، مرض ينتشر كالنار في الهشيم". الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 27,000 شخص يموتون سنوياً بداء السعار، و99% من الحالات تنتقل عبر عضات الكلاب المصابة.
أم سارة، التي تبحث عن لقاح لطفلتها المصابة، قطعت مئات الكيلومترات بين المدن: "زرت 5 مستشفيات، واللقاح غير متوفر في أي منها". الأطفال اليوم يخافون من اللعب في الشوارع، والأهالي يعيشون في قلق مستمر. الخبراء يتوقعون المزيد من الوفيات دون تدخل عاجل، بينما تنتشر الكلاب الضالة في الأحياء السكنية مهددة المزيد من الأطفال الأبرياء.
ثلاث وفيات في 8 أشهر تعني طفلاً كل شهرين ونصف، وهذا مجرد مستشفى واحد في محافظة واحدة. الحل موجود ومعروف: توفير اللقاحات، مكافحة الكلاب الضالة، والتوعية الشاملة. لكن السؤال الذي يؤرق كل أب وأم يمني: كم طفلاً آخر سيدفع ثمن هذا الإهمال قبل أن نتحرك؟
