الرئيسية / مال وأعمال / صادم: فارق جنوني في أسعار الذهب بين عدن وصنعاء يصل لـ 200%... أيهما الأرخص اليوم؟
صادم: فارق جنوني في أسعار الذهب بين عدن وصنعاء يصل لـ 200%... أيهما الأرخص اليوم؟

صادم: فارق جنوني في أسعار الذهب بين عدن وصنعاء يصل لـ 200%... أيهما الأرخص اليوم؟

نشر: verified icon مروان الظفاري 25 سبتمبر 2025 الساعة 05:45 مساءاً

في مشهد اقتصادي يصعب تصديقه، تتفاوت أسعار الذهب بين عدن وصنعاء بنسبة تصل إلى 300% في عيارات معينة، مما يجعل جرام الذهب عيار 21 في عدن يكلف 200 ألف ريال مقابل 51.5 ألف ريال فقط في صنعاء. هذا التباين الجنوني يعكس حجم المأساة الاقتصادية التي تعصف باليمن، حيث تحول الذهب من مجرد استثمار إلى مقياس صادم لانقسام البلاد اقتصادياً. كل دقيقة تأخير في اتخاذ القرار المالي الصحيح قد تكلف المواطن اليمني ثروة كاملة أو تحرمه من فرصة العمر.

في محلات الذهب بعدن، يروي علي الحضرمي، تاجر الذهب ذو الـ38 عاماً، كيف نجح في تحقيق ثروة من خلال التجارة الذكية بين المدينتين رغم المخاطر الجمة: "الفرق في الأسعار كالفرق بين سعر الماء في الصحراء وعند النبع". تحت أضواء المحلات الخافتة، يلمع الذهب البارد بينما تتراقص على وجوه الزبائن مشاعر متضاربة بين الخوف من فقدان المدخرات والطمع في الفرص الذهبية. أما في صنعاء، فالمشهد مختلف تماماً حيث تصطف طوابير المواطنين أمام محلات الذهب وعلى وجوههم ملامح القلق والترقب.

جذور هذا التباين الاقتصادي المروع تعود إلى سنوات من الحرب التي قسمت البلاد اقتصادياً قبل أن تقسمها جغرافياً. انقسام سعر الصرف بين المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية والحوثيين، إضافة إلى الحصار الاقتصادي وصعوبة النقل بين المحافظات، خلق واقعاً يشبه إلى حد كبير ما حدث في ألمانيا المقسمة أثناء الحرب الباردة. يحذر د. أحمد الشميري، الخبير الاقتصادي: "هذا التباين ينذر بانهيار النظام النقدي اليمني إذا استمر، فالتضخم يلتهم المدخرات بسرعة النار في القش الجاف".

في بيوت اليمن، تعيش كل عائلة معضلة يومية حقيقية في محاولة حماية مدخراتها من التآكل. أم محمد، الأرملة الخمسينية من تعز، تحكي بصوت متهدج: "أريد بيع خاتم زفافي لتعليم أطفالي، لكنني محتارة بين أسعار المدينتين". بينما فتحي المقطري يروي كيف باع سيارته واشترى ذهباً لحماية أسرته من موجة التضخم الجامحة. هذا الواقع المؤلم يخلق فرصاً استثمارية للبعض، لكنه يحمل مخاطر عالية جداً تتمثل في صعوبة التنقل بين المدن والتعرض لمخاطر أمنية قد تؤدي إلى مصادرة البضائع عند نقاط التفتيش.

الذهب في اليمن لم يعد مجرد معدن ثمين، بل أصبح مقياساً صادماً لحجم المأساة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. السؤال الآن لم يعد متى ستتوحد الأسعار، بل هل ستصمد العملة اليمنية أصلاً أمام هذا التآكل المستمر؟ على كل مواطن يمني أن يتخذ قراراته المالية بحكمة شديدة وسرعة، فالزمن لا ينتظر أحداً في عالم الاقتصاد المضطرب. في بلد واحد وعملة واحدة، لكن اقتصادين مختلفين تماماً - إلى أين يقود هذا الجنون المالي؟

شارك الخبر