في تطور مأساوي يهز ضمير الأمة، كشف الصحفي ماهر علي البرشاء حقيقة صادمة تُبكي الحجر: مليون ونصف أسرة تنام جائعة الليلة بسبب تأخر صرف المرتبات الحكومية. وللمرة الأولى في التاريخ الحديث، يضطر موظفون لبيع أثاث بيوتهم لشراء رغيف خبز لأطفالهم. كل يوم تأخير إضافي يعني 50 ألف طفل ينامون بلا عشاء - والحكومة ما زالت صامتة.
صرخة البرشاء المدوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي فضحت حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها "شريحة واسعة من أبناء الشعب" كما وصفها. "تأخر صرف المرتبات لم يعد مقبولاً بأي حال من الأحوال" - كلمات قالها الصحفي الشجاع بينما ترتجف أصوات الموظفين خلف أبواب مكاتبهم المغلقة. أم فاطمة، معلمة لديها ثلاثة أطفال، تهمس بألم: "أستدين لشراء الخبز منذ شهرين، وأولادي يسألونني متى سنأكل لحماً مرة أخرى."
هذه ليست مجرد أزمة مالية عابرة، بل أسوأ مرحلة على مر تاريخ هذا الوطن كما أكد البرشاء بجرأة نادرة. خبراء الاقتصاد يحذرون من أن الوضع أصبح أسوأ من أزمة الكساد العظيم في الثلاثينيات، بينما د. أحمد المالي، الخبير الاقتصادي، يدق ناقوس الخطر: "هذه الأزمة ستؤدي لانهيار اجتماعي كامل إذا لم تتحرك الحكومة فوراً." الحكومة تتعامل مع الموظفين كالطفل الذي ينسى إطعام سمكته الذهبية، غافلة عن أن الأزمة تنتشر بسرعة النار في الهشيم.
في بيوت الموظفين، تسود رائحة الخوف والقلق. أبو محمد، موظف في وزارة الصحة، يروي مأساته بصوت مختنق: "أولادي يسألونني متى سنأكل لحماً مرة أخرى، وأنا لا أملك جواباً." طوابير طويلة تقف أمام البنوك المغلقة، ووجوه شاحبة تملؤها ملامح اليأس والإرهاق. 85% من الأسر الحكومية لا تستطيع شراء الاحتياجات الأساسية، بينما تراجعت القوة الشرائية بنسبة مذهلة وصلت إلى 70% خلال العام الماضي. الخبراء يتوقعون احتجاجات واسعة وتوقف الخدمات الحكومية إذا استمر هذا التجاهل المؤلم.
البرشاء وجه دعوة صارخة للحكومة لتحمل مسؤولياتها تجاه شعبها قبل فوات الأوان، مؤكداً أن المرتبات حق مشروع لا يمكن التهاون فيه. إما حلول سريعة وعاجلة تضمن انتظام صرف الرواتب، أو انهيار اجتماعي محقق سيجتاح البلاد. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن لشعب جائع أن يصبر؟