في فضيحة مالية تهز أركان النظام المصرفي اليمني، تتبخر 3,500 ريال يمني من جيوب المواطنين في مأرب عند صرف 700 دولار فقط، في ممارسة سرقة علنية تقوم بها البنوك بإشعارات رسمية. وثائق حصرية تكشف أن بنوك مأرب تنهب أموال المودعين بخصم 5 ريالات على كل دولار، والآن مئات المواطنين يخسرون مدخراتهم في صمت مطبق من السلطات.
الوثائق الرسمية تظهر قيام بنك الشرق اليمني بشراء 700 دولار من أحد المواطنين مقابل مليون و127 ألف ريال، بسعر 1610 ريالات للدولار بدلاً من السعر الرسمي البالغ 1615 ريالاً. أحمد محمد العامري، تاجر من مأرب، يروي مأساته: "خسرت 15,000 ريال في شهر واحد بسبب تلاعب البنوك، مدخرات عائلتي تذوب أمام عيني." الأرقام صادمة: كل 100 دولار تصرفها تعني خسارة تعادل وجبة طعام كاملة لعائلة من أربعة أفراد.
هذه الممارسات ليست وليدة اليوم، بل نتيجة انهيار النظام المصرفي اليمني منذ بداية الحرب عام 2014. د. سالم الحاج، الخبير الاقتصادي اليمني، يحذر: "نحن أمام كارثة مصرفية حقيقية، مثل أزمة البنوك اللبنانية عام 2019 عندما فقد المودعون مدخراتهم." ضعف الرقابة ونقص السيولة حولا البنوك إلى أدوات نهب منظم، وانتشار هذه الممارسات أسرع من انتشار النار في الهشيم.
في الشوارع المكتظة بمأرب، تتكرر المأساة يومياً. عبدالله سعيد، مواطن آخر، شاهد رفض ثلاثة بنوك شراء دولاراته بالسعر الرسمي. المواطنون يقفون في طوابير طويلة أمام البنوك، وتعابير الإحباط والقلق واضحة على وجوههم عندما يكتشفون السعر المنخفض. بنك "بن دول" ينتهج نفس الممارسات، ويرفض حتى إصدار إشعارات رسمية بعمليات الصرف، في محاولة لإخفاء جرائمه المالية.
البنوك تأكل من أموال المواطنين مثل النمل الأبيض الذي يقرض الخشب من الداخل، وإذا استمر هذا الوضع فإن 1.8 مليار ريال ستختفي من جيوب المودعين سنوياً. د. فايز المقطري، المحلل المصرفي، يطلق صرخة تحذير: "الثقة في النظام المصرفي اليمني على وشك الانهيار التام." السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كم من المال ستخسر قبل أن تتوقف عن التعامل مع هذه البنوك؟