في تطور استراتيجي مذهل يعيد تشكيل خارطة التعليم في المنطقة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن إطلاق أكبر مشروع تعليمي إنساني في تاريخها الحديث، يستهدف أكثر من مليون طفل يمني محروم من التعليم. هذا المشروع الضخم، الذي تتجاوز قيمته 500 مليون ريال سعودي، يأتي في وقت حرج حيث يواجه أطفال اليمن أزمة تعليمية حادة قد تؤثر على مستقبل جيل كامل.
وفقاً للإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التعليم السعودية، سيشمل المشروع إنشاء 200 مدرسة متطورة موزعة على 15 محافظة يمنية، بالإضافة إلى تدريب 5000 معلم ومعلمة يمنية على أحدث المناهج التعليمية. "هذا أكثر من مجرد مشروع تعليمي، إنه استثمار في مستقبل الأمة العربية ككل"، كما صرح وزير التعليم السعودي. القصة الأكثر تأثيراً تأتي من فاطمة الحديدة، الطفلة اليمنية البالغة من العمر 8 سنوات، التي لم تدخل المدرسة منذ 3 سنوات بسبب الأوضاع الصعبة، والتي ستكون من أولى المستفيدات من هذا المشروع الحيوي.
هذا المشروع التعليمي الضخم لا يأتي من فراغ، بل يمثل امتداداً طبيعياً لرؤية السعودية 2030 في دعم التعليم والتنمية البشرية عبر المنطقة. منذ بداية الأزمة اليمنية في 2015، خسرت اليمن أكثر من 3.7 مليون طفل حقهم في التعليم، مما يعني أن جيلاً كاملاً مهدد بالأمية والتخلف. الخبراء التربويون يشبهون هذا المشروع السعودي بـ"جسر الأمل" الذي سيعبر به الأطفال اليمنيون من ظلمات الجهل إلى نور العلم، تماماً كما فعلت مشاريع التعليم الكبرى في سنغافورة التي حولتها من دولة نامية إلى قوة تعليمية عالمية في عقود قليلة.
التأثير المتوقع لهذا المشروع يتجاوز حدود التعليم ليصل إلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في اليمن. العائلات اليمنية، التي كانت تواجه خياراً صعباً بين إرسال أطفالها للعمل أو تركهم بلا تعليم، ستجد الآن بديلاً حقيقياً يضمن مستقبلاً أفضل لأطفالها. محمد السبئي، الأب اليمني الذي اضطر لسحب أطفاله الثلاثة من المدرسة، يقول بعيون دامعة: "هذا المشروع سيعيد لأطفالي أحلامهم المسروقة". المحللون يتوقعون أن يؤدي المشروع إلى تقليل معدلات عمالة الأطفال بنسبة 40% في المناطق المستهدفة خلال العامين القادمين، كما سيفتح آفاقاً جديدة للتبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين الشقيقين.
مع إطلاق هذا المشروع الرائد، تؤكد السعودية مرة أخرى دورها القيادي في دعم التنمية البشرية والتعليم في المنطقة العربية. البرنامج الزمني يشير إلى بدء التنفيذ خلال الأشهر الثلاثة القادمة، مع توقعات بوصول أول دفعة من الطلاب إلى المدارس الجديدة مع بداية العام الدراسي المقبل. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيلهم هذا المشروع السعودي دولاً عربية أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة في دعم التعليم عبر المنطقة؟