أعلنت دارة الملك عبدالعزيز إصدار دليل وطني شامل يوثق التراث التاريخي للمملكة العربية السعودية، يمتد عبر 97 صفحة، ليكون مرجعاً موثقاً ومتكاملاً للمحتوى التاريخي المرتبط باليوم الوطني الخامس والتسعين. هذا الإصدار المعرفي الاستثنائي يأتي كإنجاز توثيقي يحفظ ذاكرة الوطن ويعزز الهوية الوطنية عبر تقديم محتوى علمي مدروس ومنظم.
يشكل الدليل نقلة نوعية في مجال التوثيق التاريخي السعودي، حيث يجمع بين دفتيه معلومات شاملة تبدأ من إعلان توحيد المملكة في السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351 هجرية الموافق التاسع عشر من سبتمبر 1932 ميلادية، عندما أصدر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قراره التاريخي بتحديد الثالث والعشرين من سبتمبر يوماً وطنياً خالداً.

يتضمن هذا المرجع التاريخي الشامل فصولاً متخصصة تستعرض مسيرة العلم السعودي منذ عهد الدولة السعودية الأولى وحتى شكله المعتمد اليوم، مع تسليط الضوء على رمزيته الدينية والوطنية العميقة، والقرارات الملكية التي رسخت مكانته وصولاً إلى اعتماد الحادي عشر من مارس يوماً للعلم. كما يوثق الدليل تطور النشيد الوطني منذ أول سلام ملكي عام 1946 ميلادية حتى اعتماد نصه الحالي عام 1984 ميلادية، ليصبح رمزاً خالداً للعزة والولاء في قلوب السعوديين.
من أبرز ما يميز هذا الإصدار تضمينه مختارات من الخطب والكلمات التاريخية التي ألقاها ملوك المملكة العربية السعودية بمناسبة اليوم الوطني عبر المراحل المختلفة، والتي عبرت عن روح الوحدة والنهضة والتنمية المستدامة. بالإضافة إلى سير موجزة شاملة لجميع ملوك المملكة منذ عهد الموحد الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مما يعكس استمرارية البناء والتطوير عبر الأجيال المتعاقبة.
يقدم الدليل المعرفي للمحتوى التاريخي توثيقاً دقيقاً لأبرز الأحداث التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز، والعلاقة المتينة التي ربطته بشعبه، فضلاً عن استعراض شامل لمظاهر النهضة والتنمية التي شهدها الوطن تحت قيادته الحكيمة، والعادات والتقاليد السعودية الأصيلة، والأوسمة الوطنية، وأوائل الإنجازات الرائدة التي تحققت في تلك الفترة التأسيسية المهمة.
يضم الدليل أيضاً مادة أدبية وثقافية ثرية، تشمل قصائد شعرية مختارة ومقولات خالدة تناولت شخصية الملك المؤسس ومكانته العظيمة في قلوب الشعراء والمفكرين والأدباء، إضافةً إلى توثيق شامل للاحتفالات الوطنية التي شهدتها المملكة في المناسبات الوطنية منذ عهد المؤسس وحتى العصر الحاضر، مما يرسم صورة متكاملة للتطور الحضاري والثقافي للمملكة.
يأتي هذا الإصدار ضمن الرسالة النبيلة لدارة الملك عبدالعزيز في حفظ ونشر تاريخ الملك عبدالعزيز وتاريخ المملكة العربية السعودية، وترسيخ الهوية الوطنية القائمة على قيم الوحدة والاعتزاز بالانتماء. ويمثل الدليل إضافة نوعية حقيقية للمكتبة الوطنية، ومرجعاً علمياً ثرياً للباحثين والمهتمين والإعلاميين، حيث يضع بين أيديهم مادة موثقة ومتنوعة تسهم في إبراز العمق التاريخي للمملكة، وتعزز المشاركة الوطنية الواعية في إحياء ذكرى اليوم الوطني.
يستهدف هذا المرجع التاريخي الشامل شرائح متنوعة من المجتمع، بدءاً من الإعلاميين والصحفيين الذين يحتاجون لمصادر موثوقة في تغطية الفعاليات الوطنية، مروراً بالباحثين والأكاديميين المتخصصين في التاريخ السعودي، ووصولاً إلى المعلمين والتربويين الذين يسعون لإثراء مناهجهم بمحتوى تاريخي أصيل، وعامة المواطنين الراغبين في تعميق معرفتهم بتاريخ وطنهم العريق.
ومن الجوانب المميزة في هذا الدليل تركيزه على الأوليات التاريخية التي شهدها عهد الملك عبدالعزيز، مثل تأسيس أول هجرة منظمة لتوطين القبائل عام 1330 هجرية، وإنشاء أول شركة لنقل الحجاج عام 1343 هجرية، وإصدار أول صحيفة رسمية للدولة تحمل اسم "أم القرى" في العام نفسه، وإرسال أول برقية بعد تركيب جهاز لاسلكي في أبها، مما يبرز الطابع التحديثي والتطويري لرؤية المؤسس.
يعكس هذا الإصدار المعرفي الاستثنائي التزام دارة الملك عبدالعزيز بمهمتها الحيوية في توثيق وحفظ التراث الوطني، ويأتي متزامناً مع الاحتفاء باليوم الوطني الخامس والتسعين، ليسهم في تعزيز الوعي التاريخي والثقافي بين أبناء الوطن، ويقدم للأجيال الحالية والمقبلة مرجعاً شاملاً يمكنهم من فهم جذور هويتهم الوطنية وتقدير التضحيات العظيمة التي بذلها الآباء والأجداد في سبيل توحيد هذا الوطن العزيز.