أصدرت المحكمة الجزائية بالرياض أحكاماً نهائية بالسجن ضد مهندس بلدية و4 وسطاء ورجال أعمال في قضية فساد مالي صادمة، بعد اكتشاف تضخم هائل في ثروة المهندس الذي يحصل على راتب شهري يبلغ 14 ألف ريال فقط، بينما وصل رصيده البنكي إلى 55 مليون ريال دون مبرر مشروع.
وبلغت مجموع أحكام السجن الصادرة ضد المتهمين الخمسة 25 عاماً بمدد متفاوتة، مع فرض غرامات مالية إجمالية قدرها 150 ألف ريال. كما قضت المحكمة بمصادرة كامل المبلغ المتراكم في حساب المهندس البالغ 55 مليون ريال، إضافة إلى مصادرة مبالغ الرشوة والأموال المحجوزة التي بلغت نحو مليوني ريال.
كشفت التحقيقات المفصلة أن المهندس استغل منصبه الحكومي لتقاضي مبالغ طائلة من المقاولين مقابل تسهيل إجراءات تمرير مشاريع بلدية وصرف مستحقات مالية دون استكمال الاشتراطات النظامية المطلوبة. وأظهرت الأدلة المقدمة للمحكمة وجود شبكة محكمة من الوسطاء الذين سهلوا عمليات تسلم وتسليم الأموال غير المشروعة، وساهموا في إخفاء المصادر الحقيقية لهذه الثروة المشبوهة.
وجاءت هذه القضية إلى الضوء بعد تحريات دقيقة من الأجهزة الرقابية المختصة، التي لاحظت التفاوت الصارخ بين الدخل المعلن للمهندس وحجم الأموال المتراكمة في حساباته البنكية. ولم تكتف السلطات القضائية بمحاسبة المهندس المتورط فحسب، بل وسعت التحقيقات لتشمل جميع الأطراف المساهمة في عمليات الفساد المالي والإداري.
تؤكد هيئة مكافحة الفساد أن هذا الحكم النهائي، الذي صادقت عليه محكمة الاستئناف، يجسد التزام المملكة الراسخ بمحاربة الفساد بجميع أشكاله وصوره. وتشدد الهيئة على أن مبدأ "لا أحد فوق القانون" يطبق بحزم على كل من يستغل منصبه أو موقعه الوظيفي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مهما كان مستواه الإداري أو طبيعة عمله.
وتعكس هذه القضية الاستثنائية فعالية منظومة الرقابة المالية في كشف أنماط الإنفاق والتراكم المالي غير المتناسب مع المصادر المعلنة للدخل، مما يساهم في ردع المحتملين للقيام بممارسات مماثلة في المستقبل.