الرئيسية / شؤون محلية / كشف المستور: 3 تريليونات ريال خارج المصارف والتحسن المفاجئ للريال اليمني يخفي أزمة سيولة حقيقية
كشف المستور: 3 تريليونات ريال خارج المصارف والتحسن المفاجئ للريال اليمني يخفي أزمة سيولة حقيقية

كشف المستور: 3 تريليونات ريال خارج المصارف والتحسن المفاجئ للريال اليمني يخفي أزمة سيولة حقيقية

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 08 سبتمبر 2025 الساعة 11:55 مساءاً

يثير التحسن المفاجئ للريال اليمني خلال الأسابيع الماضية تساؤلات جوهرية حول حقيقة هذا الانتعاش، خاصة مع كشف خبراء اقتصاديين عن وجود 3 تريليونات ريال خارج الجهاز المصرفي الرسمي، وهو ما يطرح احتمالية أن يكون التحسن الظاهري يخفي أزمة سيولة حقيقية تهدد الاستقرار المالي طويل المدى.

أكد الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن انخفاض سعر الدولار من 2900 ريال إلى حوالي 1700 ريال لا يعكس قوة حقيقية للريال، بل يشير إلى سحق للطلب الممول. وأوضح عبر أن المستوردين والتجار والمستهلكين لا يستطيعون تجميع ريال كافٍ للشراء، فينكمش الطلب على الدولار قسراً.

تكشف الأرقام المتداولة أن 3 تريليونات ريال تبقى خارج قنوات السحب والإيداع المعتادة، مجمدة في جيوب القطاع الخاص والمواطنين، مما يخلق اختلالاً واضحاً في التوازن النقدي.

يحذر الفودعي من أن هذا التحسن الاسمي المؤقت على الورق لا يعكس زيادة في المعروض من النقد الأجنبي ولا تحسناً في الإنتاجية أو الحساب الجاري. وأضاف أن التحسن يحسن "الرقم" وليس "القدرة الشرائية الحقيقية"، ويخنق الائتمان ويؤجل الطلب، ثم يطلق موجة ارتدادية عند أول تحسن في السيولة.

في المقابل، أشار الخبير الاقتصادي ماجد الداعري إلى أن التحسن يعكس خطوات فعالة لمعالجة الأوضاع المالية، مؤكداً أن هذا التحسن ناتج عن اعتماد معالجات مصرفية جديدة تشمل تشكيل لجنة لاستيراد العملات والتحكم بعمليات السوق ووقف المضاربات. كما تم تحديد سعر صرف للريال السعودي وفرض عقوبات على 30 شركة صرافة مخالفة.

تزايدت المخاوف مع ما كشفه الداعري عن صراع صلاحيات حاد بين الحكومة ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي، وصل حد ما وصفه بـ"الحرب الباردة" حول استقلالية البنك وأولويات الصرف. هذا الصراع يهدد بتعطيل صرف مرتبات الجيش والموظفين للشهر الرابع على التوالي.

يرفض المحافظ المعبقي ثلاثة خيارات رئيسية عرضتها الحكومة لتمويل المرتبات، واصفاً إياها بـ"الخيارات التضخمية الكارثية". الخيار الأول يتمثل في العودة إلى السحب بالمكشوف من حساب حكومي يقدر عجزه بتريليونات الريالات، والثاني الاستيلاء على احتياطيات البنوك التجارية، والثالث طباعة العملة المحتجزة في موانئ عدن وجدة والمكلا.

تشكو الحكومة من تجاوزات يمارسها محافظ البنك في صرف تعزيزات مالية لجهات مثل وزارة الدفاع رغم عدم كونها من الأولويات الاقتصادية في نظرها. في المقابل، يبرر المعبقي موقفه بأن الحكومة "مديونة وعاجزة ولا تقدم الإيرادات"، مشيراً إلى أن أكثر من 147 جهة حكومية لا تورد إيراداتها إلى خزينة البنك المركزي.

يؤكد الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن استمرار أزمة شح الريال اليمني في السوق سيسهم في ضغط هبوطي إضافي، لكن ما إن يضخ الريال تدريجياً حتى يعود الطلب المكبوت على الدولار للظهور، فإما يتلاشى التحسن وإما يدخل السعر في تذبذب حاد إذا ظلت قنوات التسوية ضحلة.

لجأت السلطات إلى إجراءات احترازية عبر تشديد الرقابة على الصرافين وتنظيم عمليات الاستيراد، وهو ما ساهم في ضبط سعر الصرف سريعاً ومنع المزيد من التقلبات. هذا التصحيح عزز التفاؤل لكنه أثر سلباً على المغتربين وإيرادات الحكومة المحلية.

شهد سعر صرف الريال السعودي استقراراً نسبياً عند مستوى يتراوح بين 425 و428 ريالاً، بعد أن كان قد وصل إلى 760 ريالاً في نهاية يوليو الماضي. يصف الفودعي هذا السعر بأنه قريب من المستوى التوازني ويمكن الحفاظ عليه على المدى المتوسط، مع إمكانية إدخال تعديلات طفيفة في ضوء الضغوط الاقتصادية والظروف الموسمية.

كما أفاد الداعري بأن لجنة الموارد السيادية والمحلية برئاسة العضو عيدروس الزبيدي أقرت بتوجيه الموارد المالية إلى الدولة، التي أعلنت تشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات. هذه الإجراءات الحكومية كان لها تأثير إيجابي ملموس على استقرار العملة.

رغم التحسن النسبي في قيمة العملة، لم ينعكس هذا التطور إيجابياً على جميع القطاعات الاقتصادية. في محافظة تعز، استمر ارتفاع إيجارات المساكن رغم تحسن الريال، حيث تجاهل معظم مالكي العقارات هذا التحسن وابتكروا أساليب جديدة للتحايل على المستأجرين، مثل فرض رسوم إضافية تحت مسميات مختلفة أو المطالبة بالدفع بالعملة الصعبة.

يحذر الداعري من أن الوضع وصل إلى نفق مسدود، وأن الحل الوحيد الممكن يتطلب تدخلاً مباشراً من مجلس القيادة الرئاسي، الذي يعدّ الجهة العليا في الدولة ويملك النفوذ الكافي لإلزام الجهات الحكومية بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي وتقديم الضمانات الكاملة للمحافظ.

تشير التطورات الأخيرة إلى أن اليمن يمر بواحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية والسياسية في تاريخه الحديث، وأن حل الأزمة ليس اقتصادياً فحسب، بل يتطلب إرادة سياسية عليا وتصحيحاً جذرياً لمسار إدارة الموارد ووقف توزيع الأولويات على أساس المحاصصة والولاءات. فالتحسن الظاهري للعملة قد يكون مجرد قناع يخفي تحديات اقتصادية أعمق تستدعي معالجة شاملة ومستدامة.

اخر تحديث: 09 سبتمبر 2025 الساعة 07:40 صباحاً
شارك الخبر