أبدى جينارو جاتوزو، المدير الفني لمنتخب إيطاليا، موقفاً أخلاقياً واضحاً ومؤثراً قبيل مواجهة فريقه للكيان الصهيوني في تصفيات كأس العالم 2026، مؤكداً شعوره بالحرج الشديد من خوض هذه المواجهة في ظل الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة.
ويعتبر موقف جاتوزو صادماً لكونه يكسر حاجز الصمت التقليدي الذي يفضله معظم المدربين في القضايا السياسية الحساسة. فبدلاً من الاكتفاء بالحديث الفني المعتاد، اختار المدرب الإيطالي التعبير عن مبادئه الإنسانية بوضوح لافت.
وقال جينارو جاتوزو في تصريحات عبر شبكة "راي سبورت": "اللعب ضدهم محرج للغاية في هذه اللحظة، خاصةً بعد دعوات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والفيفا لإيقافهم بسبب الوضع في غزة".
وأضاف المدرب ذو الخمسين عاماً بنبرة عاطفية: "أنا رجل سلام، ومن المروع رؤية المدنيين والأطفال في قطاع غزة يمرون بهذا". وتابع بأسف واضح: "نحن ببساطة غير محظوظين لوجودهم في مجموعتنا، لا يمكننا فعل الكثير حيال ذلك، ما نراه مؤلم، هذا كل ما أستطيع قوله".
وتأتي هذه التصريحات في سياق متوتر يشهد ضغوطاً متزايدة من منظمات رياضية إيطالية لمقاطعة الكيان الصهيوني. ففي خطوة غير مسبوقة، طالبت رابطة المدربين الإيطاليين الاتحادين الدولي والأوروبي بتجميد عضوية إسرائيل وحرمان منتخباتها وأنديتها من المشاركة في جميع المنافسات القارية والدولية.
وأوضح رئيس جمعية رابطة المدربين رينزو أوليفييري أن هذا الموقف ليس مجرد لفتة رمزية، بل "خياراً ضرورياً يستجيب لضرورة أخلاقية مشتركة". وأشار إلى أن الرابطة وافقت بالإجماع على إرسال خطاب ونداء لجميع السلطات الفيدرالية، مطالبة بأن تتخذ كرة القدم الإيطالية موقفاً لصالح الشعب الفلسطيني.
ويكتسب موقف جاتوزو أهمية خاصة لكونه يأتي من شخصية محترمة في عالم كرة القدم الإيطالية، حيث حقق نجاحات كبيرة كلاعب مع ميلان ومنتخب إيطاليا، قبل أن ينتقل للتدريب ويصل مؤخراً لقيادة الأزوري. فهذا التاريخ المشرق يضفي وزناً أكبر على كلماته ويجعلها تحمل تأثيراً واسعاً في الأوساط الرياضية.
وتقام المواجهة المثيرة للجدل مساء اليوم الاثنين على أرض محايدة في المجر، نظراً لغياب ضمانات السلامة. ويدخل منتخب إيطاليا اللقاء وهو يحتل المركز الثالث برصيد ست نقاط، خلف النرويج المتصدرة بـ 12 نقطة والكيان الصهيوني صاحب المرتبة الثانية بتسع نقاط.
ويواجه جاتوزو تحدياً فنياً حقيقياً، حيث حقق الفريق المنافس الفوز في ست من آخر سبع مباريات، ولم يتعرض للهزيمة سوى أمام منتخب النرويج. وأشار المدرب الإيطالي إلى أن خطته التكتيكية ستعتمد على استغلال التحولات الهجومية السريعة كسلاح رئيسي لإلحاق الضرر بالمنافس، معتبراً أن هذا النهج سيكون مفتاح الفوز في المواجهة الحاسمة ضمن مسيرة التأهل لـ كأس العالم 2026.
وتزامن الموقف الرياضي مع تطورات سياسية مهمة، حيث هددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة مواطنيها المشاركين في "أسطول الصمود العالمي" لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، مما يعكس توتراً متصاعداً في العلاقات الثنائية يتجاوز نطاق الرياضة ليصل للمجال السياسي.
