شهدت الجامعات السعودية تحولاً نوعياً في مواجهة تحديات الهوية والقيم في عصر الذكاء الاصطناعي، من خلال إطلاق منصتين تقنيتين جديدتين وربط 70% من البحوث العلمية برؤية المملكة 2030، وذلك خلال مؤتمر "مسؤولية الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري" الذي افتتحه نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز.
دشن الأمير سعود منصتي "مستشارك" و"وعي" بعد نجاح مرحلتهما التجريبية، حيث تقدم الأولى استشارات مجانية عن بُعد في المجالات التربوية والاجتماعية والصحة النفسية بسرية تامة، فيما تختص الثانية باستقبال الملاحظات المتعلقة بالمخالفات الفكرية والسلوكيات المتطرفة والظواهر السلبية.

وأكد الدكتور مصلح بن معيض الحارثي في ورقته العلمية أن الإحصاءات الحديثة تؤكد ارتباط أكثر من 70% من البحوث المنشورة العام الماضي بمحاور رؤية المملكة 2030، مما يعكس وعي الباحثين وتوجه المؤسسات الأكاديمية نحو الأولويات الوطنية. وأوضح أن البحث العلمي يمثل ركيزة أساسية لترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز مكانة الجامعات السعودية دولياً، مؤكداً ضرورة الالتزام بالضوابط الأخلاقية عند توظيف الذكاء الاصطناعي في البحوث.
تضمنت توصيات الحارثي الاستراتيجية إعداد خارطة طريق وطنية للبحوث القيمية والفكرية، وإدماج البعد القيمي في برامج الدراسات العليا، وإنشاء كراسي بحثية متخصصة في القيم والأخلاق في عصر التقنية، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في الدراسات الإنسانية والاجتماعية وتنظيم مؤتمر وطني سنوي للبحوث القيمية والفكرية.
وشارك مساعد وزير الإعلام الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث في جلسة علمية حول الشراكة الاستراتيجية الفاعلة بين الجامعات والمؤسسات الثقافية والإعلامية، بهدف دعم رسالة الجامعات تجاه المجتمع وتعزيز وعي الطلبة بالقيم الفكرية الأصيلة، وإبراز أهمية التكامل بين المؤسسات التعليمية والإعلامية لتحقيق مستهدفات مؤتمر مسؤولية الجامعات في بناء مجتمع واعٍ ومتماسك.

استعرضت ورش العمل مبادرات وأنشطة وحدات التوعية الفكرية، ومعايير قياس وتقويم برامج الجامعات السعودية، وعدداً من النماذج الدولية لبرامج الجامعات في خدمة المجتمع التي اعتمدت على شراكات مع الأسرة والمدرسة لتعزيز القيم والوعي. كما تناولت حلقات النقاش دور الجامعات في دعم مؤسسات التنشئة الاجتماعية والشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات الأمنية.
أوضح رئيس جامعة أم القرى الدكتور معدي بن محمد آل مذهب أن تدشين المنصتين يأتي ضمن جهود الجامعة في بناء بيئة جامعية آمنة فكرياً، وتمكين منسوبيها من الإسهام في حماية الفكر وصون القيم والحصول على الاستشارات التي تعزز مناعة المجتمع ضد الأفكار المنحرفة. وأكد أن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر تمثل دعماً كبيراً لمسيرة التعليم في المملكة وتحفيزاً للمؤسسات الأكاديمية للقيام بمسؤولياتها الوطنية والفكرية.
يتضمن المؤتمر الذي ينعقد على مدار ثلاثة أيام من 25 إلى 27 أغسطس خمس جلسات علمية وورش عمل وحلقات نقاش بمشاركة 24 متحدثاً من الأكاديميين والخبراء والمفكرين، يتناولون خمسة محاور رئيسة تشمل جهود الجامعات السعودية في تعزيز القيم الإنسانية، وتجاربها في هذا المجال، ومسؤوليتها تجاه المجتمع، ودورها في مواجهة التحديات الفكرية، واستشراف مستقبل مسؤولياتها ضمن رؤية المملكة 2030.