تشهد أسواق الذهب في اليمن تفاوتاً صادماً يتجاوز كل التوقعات، حيث يبلغ سعر جرام الذهب عيار 21 في عدن أكثر من ثلاثة أضعاف سعره في صنعاء، مما يضع المستثمرين أمام فرص استثمارية متباينة تتطلب دراسة عميقة لاتخاذ القرارات المالية الصحيحة.
تكشف آخر البيانات الصادرة عن أسواق المعادن النفيسة في اليمن عن فجوة سعرية هائلة تصل إلى 200% بين العاصمتين، فبينما يتراوح سعر شراء جرام الذهب عيار 21 في صنعاء بين 49,000 إلى 49,300 ريال، يقفز هذا السعر في عدن ليصل إلى 151,800 ريال للشراء، أما سعر البيع فيتراوح بين 51,000 إلى 52,500 ريال في صنعاء مقابل 160,950 ريال في عدن.
يعكس هذا التباين الجذري الواقع الاقتصادي المعقد الذي تشهده اليمن، حيث تلعب اختلافات أسعار صرف العملة المحلية الدور الأبرز في تشكيل هذه الفجوة السعرية الاستثنائية. فسعر الريال اليمني يختلف بشكل كبير بين المنطقتين، مما ينعكس مباشرة على قيمة الذهب بالعملة المحلية ويخلق بيئة استثمارية متنوعة تتطلب فهماً عميقاً لديناميكيات السوق.
تشير بيانات جنيه الذهب إلى نفس النمط المثير للدهشة، حيث يبلغ سعر الشراء في صنعاء حوالي 395,000 إلى 396,000 ريال، في حين يصل في عدن إلى 1,214,500 ريال، وهو فارق يتجاوز الثلاثة أضعاف. أما أسعار البيع فتتراوح بين 399,000 إلى 401,000 ريال في صنعاء مقابل أرقام تصل إلى 1,287,600 ريال في عدن، مما يؤكد عمق التباين الاقتصادي بين المنطقتين.
للمستثمرين الباحثين عن الفرص الذهبية، توفر هذه الفروقات السعرية إمكانيات متنوعة تعتمد على القدرة المالية والهدف الاستثماري. فبينما تقدم صنعاء أسعاراً أقل تناسب ذوي الدخل المحدود والمقبلين على الزواج، تمثل عدن خياراً للمستثمرين الكبار الذين يسعون للاستفادة من التقلبات السعرية على المدى الطويل.
تؤكد مصادر السوق المحلية أن الذهب عيار 24 يسجل أيضاً تفاوتاً مماثلاً، حيث يتراوح سعر الشراء في صنعاء حول 56,500 ريال مقابل 173,000 ريال في عدن، بينما تصل أسعار البيع إلى 58,500 ريال في صنعاء و183,000 ريال في عدن. هذه الأرقام تعكس اتساق نمط التفاوت عبر جميع عيارات الذهب المتداولة في السوق اليمني.
يشهد عيار 18، المفضل لدى شريحة معينة من المستهلكين، نفس الاتجاه حيث تبدأ أسعار الشراء من 40,000 ريال في صنعاء لتصل إلى 129,000 ريال في عدن، مما يوضح أن ظاهرة التفاوت السعري تشمل كافة فئات الذهب دون استثناء.
تلعب عوامل متعددة دوراً في تشكيل هذه الفجوة السعرية الاستثنائية، أبرزها تكاليف النقل والتأمين بين المحافظتين، بالإضافة إلى اختلاف مستويات المخاطر التجارية والأمنية. كما تؤثر القوة الشرائية المختلفة بين سكان المنطقتين على حجم الطلب والعرض، مما ينعكس على التسعير النهائي للمعدن النفيس.
بالنسبة للأونصة الذهبية، تشير البيانات إلى أن متوسط السعر العالمي يبلغ حوالي 3,339.40 دولار، وهو ما يعادل تقريباً 801,160 ريال حسب متوسط أسعار الصرف في السوق اليمني.
يشهد السوق حالياً استقراراً نسبياً في التقلبات اليومية، لكن الفروقات الجوهرية بين المدن تبقى ثابتة وتتطلب من المستثمرين دراسة دقيقة للظروف المحيطة بكل منطقة. هذا الاستقرار النسبي في التذبذبات اليومية يوفر بيئة مناسبة للتخطيط الاستثماري متوسط وطويل المدى، خاصة لمن يسعون لتنويع محافظهم الاستثمارية.
تؤكد هذه المعطيات أن السوق اليمني للذهب يتطلب من المستثمرين اعتماد استراتيجيات مرنة تأخذ في الاعتبار التفاوتات الجغرافية والاقتصادية. فالمستثمر الذكي هو من يستطيع الاستفادة من هذه الفروقات لتحقيق عوائد أفضل، سواء من خلال التوقيت المناسب للشراء والبيع أو اختيار المنطقة الأنسب حسب أهدافه الاستثمارية وإمكانياته المالية.
