في ساحة الاقتصاد اليمني المضطربة، تبدو القرارات الحكومية الأخيرة كشرارة محتملة لاضطرابات أكبر. أسواق عدن، وأسواق أخرى تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، سجلت تقلبات مقلقة في سعر صرف العملة المحلية مع العملات الأجنبية.
ويُلاحظ بأن الفجوة بين سعر الشراء والبيع للعملات اتسعت بشكل ملحوظ ليصل الفارق إلى 300 ريال، حيث راوحت قيمة الدولار في السوق ما بين 1632 ريالاً للبيع و1617 ريالاً للشراء. هذه التحركات في السوق ليست مجرد أرقام تُقابل بلا مبالاة، بل تعكس حالة الفوضى والغموض التي تطغى على الساحة الاقتصادية.
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي في عدن حاولت الحد من هذه الفوضى عبر فرض قيود على عمليات بيع العملة الأجنبية وتنظيم أكثر دقة لطريقة تصرف البنوك في توفير العملة الأجنبية للشركات النفطية. إلا أن خبراء الاقتصاد، مثل وليد العطاس، عبروا عن قلقهم من هذه التحولات، واصفين إياها بالغير مبررة نظراً لغياب المؤشرات الاقتصادية الحقيقية. مما يزيد من تعقيد الأمر، هي الضغوط التي تمارسها جمعية الصرافين على شركات الصرافة للالتزام بالتعليمات الجديدة، وذلك تحت التهديد بعقوبات قد تصل إلى إلغاء التراخيص.
وفي خضم هذه الفوضى، يعترف هشام الصرمي، الباحث الاقتصادي، بأهمية إحكام الرقابة على المضاربين الذين يستغلون ضعف العملة لتحقيق مكاسب هائلة. فالتذبذب الأخير ساهم في تضخيم أرباح المضاربين ومنحهم مساحة للتلاعب بوضع السوق. هذه التحديات الاقتصادية التي يواجهها اليمن تمنحنا نظرة غير واضحة للمستقبل، حيث تقف التطورات الاقتصادية على حافة الهاوية، مهددة بمزيد من الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية.
اليمن، بهذه الصورة المعقدة والتحديات الاقتصادية المتزايدة، يترقب بحذر تبعات الإجراءات الحكومية المستمرة. هل ستسهم هذه القرارات في استقرار السوق المالي أو تُغرق البلاد في مزيد من الفوضى؟ يبقى المستقبل وحده الكفيل بالكشف عن هذا الجواب. من المهم أن تضع السلطات مسارًا واضحًا لدعم الاقتصاد وتعزيز استقراره، وضمان عدم تأثر المجتمع بشكل حاد بالتقلبات المالية الحالية.