تشهد اليمن حالياً أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في الانهيار غير المسبوق لقيمة العملة المحلية، حيث سجل الريال اليمني هبوطاً تاريخياً تجاوز حاجز الـ2,700 ريال مقابل الدولار الواحد.
هذا الانخفاض المفاجئ أثار موجة من القلق والإرباك في الأسواق التجارية والأوساط الاقتصادية والشعبية، وسط ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية والضروريات الأساسية، مما يهدد بتفاقم الوضع الإنساني الصعب أصلاً في البلاد.
تاريخ العملة اليمنية وتدهورها الحالي:
يمثل الهبوط الأخير للريال اليمني محطة مفصلية في تاريخ العملة التي عانت من تقلبات عديدة خلال السنوات الماضية.
فقد أشارت التقارير المحلية إلى أن سعر صرف الدولار وصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق في تاريخ اليمن الحديث، حيث بلغ اليوم "2,762 " ريالاً للدولار الواحد.
الملفت للنظر أن هذا التدهور يأتي على الرغم من الإجراءات والقيود المؤقتة التي فرضها البنك المركزي اليمني على قطاع الصرافة، والتي كان الهدف منها وضع حد للانهيار المتسارع للعملة المحلية.
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن هذه الإجراءات لم تُجدِ نفعاً في ظل غياب سياسات اقتصادية متكاملة تعالج جذور المشكلة، وتضع حلولًا مستدامة لاستقرار العملة.
ردود الفعل المحلية على تدهور العملة
أثار التدهور المتسارع للريال اليمني موجة من السخط والقلق في الشارع اليمني، حيث طالب العديد من المواطنين الحكومة والتحالف بالتدخل العاجل لوقف هذا الانهيار.
وتنبع هذه المطالبات من المخاوف المتزايدة بشأن تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها السكان، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل كبير.
وعلى الصعيد المؤسساتي، كشفت غرفة التجارة والصناعة في اليمن عن موقفها الرافض للقرار الحكومي القاضي برفع الرسوم الجمركية على السلع غير الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وفي بيان رسمي أصدرته الغرفة، حذرت من أن تحريك سعر صرف الدولار الخاص بالجمارك من سبعمائة ريال إلى ألف وخمسمائة ريال للدولار - وهو سعر ظل ثابتاً طوال السنوات الماضية - سيترتب عليه عواقب وخيمة، أبرزها احتمالية حدوث "مجاعة" بين المواطنين والإضرار الشديد بحركة التجارة.
التداعيات الاقتصادية والاحتياجات الملحة:
تتجلى التداعيات الاقتصادية لتدهور العملة اليمنية في عدة جوانب، أبرزها الارتفاع الحاد في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية.
وبحسب متابعين للشأن الاقتصادي، فإن هذا الارتفاع يأتي في ظل انخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وتدني مستويات الدخل، مما يضع شرائح واسعة من المجتمع اليمني أمام تحديات معيشية غير مسبوقة.
وأكدت غرفة التجارة والصناعة أن القرارات الحكومية الأخيرة، لا سيما المتعلقة بالرسوم الجمركية، ستؤدي إلى "اختلالات في سلاسل توفر المواد الغذائية"، وهو تحذير خطير في بلد يعاني أصلاً من أزمة إنسانية حادة.
ويتطلب الوضع الاقتصادي الراهن في اليمن تدخلاً عاجلاً من كافة الأطراف المعنية لإيقاف التدهور المتسارع للعملة المحلية، ووضع استراتيجية اقتصادية شاملة تعالج الأسباب الجذرية للأزمة.
ومع تحذيرات خبراء التجارة والاقتصاد من اختلالات محتملة في توفير المواد الغذائية، يبدو أن الوقت يداهم صناع القرار لاتخاذ إجراءات حاسمة قبل أن تتحول الأزمة الاقتصادية الحالية إلى كارثة إنسانية لا يمكن السيطرة عليها، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني منذ سنوات.