في تحول جديد يخيم بظلال الأمل على الملاحة البحرية، يكاد مضيق باب المندب يشهد عودة بارزة للسفن التي لم تتمكن من التحرك بحرية في خضم التوترات السياسية والصراعات العسكرية.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب اتفاق سري بين جماعة الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية، بُرم بوساطة عُمانية.
ويكتسب الاتفاق أهمية كبيرة، حيث يلزم الحوثيين بوقف هجماتهم على السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر، بينما توقف واشنطن ضرباتها الجوية على المواقع الحوثية.
وهذا الاتفاق يعد مؤشراً، رغم عدم إعلان تفاصيله علنًا، على التوازن الذي تم تحقيقه بين الأطراف المتناحرة، مما يعكس رغبة إقليمية ودولية لاحتواء التصعيد الحاصل في المنطقة.
وتستدعي الأحداث الأخيرة النظر إلى الدور الذي لعبته عدة دول ومجموعات، مثل الولايات المتحدة، وعمان في الوساطة، والحوثيين أنفسهم.
ورغم الغموض الذي يلف بعض جوانب هذا الاتفاق، إلا أن البيانات الملاحية تشير بوضوح إلى عودة الحركة الطبيعية للسفن عبر المضيق، وذلك دون تعرض السفن لأي تهديدات إضافية.
ويبدو أن الجميع يحاول استدراك ما خلفته التوترات من أضرار، مستشرفين مستقبلاً قد يحمل لهم بالاستقرار في الأفق.
تفاصيل الاتفاق السري بين الحوثيين والولايات المتحدة:
وفقًا لتسريبات حديثة، تضمن الاتفاق السري بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين التزام الأخيرة بوقف هجماتها على السفن الإسرائيلية، مقابل تعليق الولايات المتحدة لضرباتها الجوية على مواقع خاضعة لسيطرة الحوثيين، كما أوضحت المصادر.
وتمت الوساطة في هذه الاتفاقية من قبل سلطنة عمان التي نجحت في إقناع الطرفين بالتوصل إلى هذا التفاهم المؤقت.
ويعد الاتفاق خطوة جديدة نحو تهدئة التوترات التي يشهدها البحر الأحمر والمنطقة المحيطة به، معتبرين هذا التفاهم بوابة لاحتمالات مستقبلية أكثر استقرارًا.
بحسب البيانات الملاحية، تشهد الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب تحسنًا ملحوظًا. فقد أدى الالتزام الحوثي بوقف الهجمات إلى انسياب حركة السفن بحرية وتجنب التهديدات السابقة التي كانت تعوق سير الملاحة.
بينما احتفظت الولايات المتحدة بعين الرقيب، يبدو أن الأمور تسير نحو الحفاظ على هدوء نسبي في المنطقة، مما يعكس نية جادة من الأطراف في تحقيق ساحة سياسية وعسكرية مستقرة نوعًا ما، بحسب مراقبين دوليين.
تداعيات الاتفاق على الملاحة البحرية والإقليمية:
يُشير التفهم الحديث بين الحوثيين والولايات المتحدة إلى أن الملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب قد شهدت انتعاشًا ملحوظًا.
وتُظهر البيانات الأكثر حداثة عبورًا مطنبًا للسفن، بالأخص تلك المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، دون التعرض لأي هجمات أو مخاطر، كما كانت تعاني سابقًا. هذا التحسن السريع يعيد الثقة للملاحة في هذا الممر الدولي الحساس، حيث يُعتبر أحد الممرات البحرية الأكثر استخدامًا في العالم.
بالإضافة إلى التأثير المباشر على الملاحة، يُلاحظ أن الاتفاق يُساهم في تخفيف التوترات الإقليمية السائدة.
تجري الأمور بهدوء نسبي في منطقة البحر الأحمر، حيث يتوقع مراقبون أن يؤدي ذلك إلى دفع الأطراف المختلفة نحو استكشاف حلول تفاوضية للمشاكل العالقة. إلا أن الأوضاع ما زالت تتطلب المتابعة الدقيقة، إذ من الممكن لموازين القوى أن تتغير حسب الظروف الإقليمية والدولية.
تقييم الانتقادات والاستفادة السياسية
رغم أن الاتفاق بُرهن كوسيلة لتهدئة الأوضاع، إلا أنه أثار انتقادات واسعة، حيث يرى مراقبون أن جماعة الحوثيين تستغل الوضع الراهن، وبالخصوص قضية غزة، لتعزيز موقفها السياسي في الإقليم.
في الوقت الذي تسعى فيه المجموعة الحوثية لتحقيق مكاسب سياسية من خلال هذا الاتفاق، تتواصل الانتقادات بأن الحوثيين يواصلون تنفيذ أجندات إيرانية في المنطقة، مما يضع الاتفاق تحت رقابة عالمية.
في السياق ذاته، تثير بعض الأوساط السياسية تساؤلات حول مدى جدية الجماعة في الالتزام بوقف الهجمات البحرية، وتعتبر أن أي تراجع في تنفيذ بنود الاتفاق قد يعيد التوترات مرة أخرى.
من وجهة نظر هؤلاء، يتمثل الاختبار الرئيسي في التزام الحوثيين بوقف خطواتهم العدائية ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما يؤمل أن يحقق توازنًا استراتيجيًا.
من ناحية أخرى، تستفيد الولايات المتحدة وبعض الدول المعنية بالملاحة البحرية في البحر الأحمر من هذا الانفراج، حيث يعززون مصالحها الاقتصادية والتجارية.
وبالرغم من الانتقادات، ينظر العديد لهذا الاتفاق كفرصة لتأمين خطوط الملاحة العالمية في المنطقة، مما يدفع دول المنطقة إلى التفكير جدياً في الحلول السلمية والدبلوماسية.
يبدو أن الأمن الملاحي في مضيق باب المندب قد أُعيد بنجاح بفضل الاتفاق السري الموقع بين الأطراف المعنية. تواصل السفن حركتها بحرية عبر المضيق، وقد انعكس هذا التطور إيجابيًا على التجارة الدولية، وخلق استقرارًا في منطقة حساسة استراتيجيًا للعالم أجمع.
ومع ذلك، تبقى التوترات الإقليمية قائمة، وتجعل المراقبين يترقبون الأوضاع السياسية والعسكرية، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة في المنطقة.