الرئيسية / مال وأعمال / تفاوت أسعار الأسماك في بعدن.. نظرة على الأسعار في اسواق الصيد بالعاصمة المؤقتة
تفاوت أسعار الأسماك في بعدن.. نظرة على الأسعار في اسواق الصيد بالعاصمة المؤقتة

تفاوت أسعار الأسماك في بعدن.. نظرة على الأسعار في اسواق الصيد بالعاصمة المؤقتة

نشر: verified icon مروان الظفاري 17 أبريل 2025 الساعة 12:15 صباحاً

تعيش أسواق صيد الأسماك في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن حالة من الاضطراب الملحوظ مع تسجيل قفزات سعرية غير مسبوقة خلال الأيام الأخيرة.

 ووفقاً للبيانات التي رصدتها الأسواق المحلية يوم الثلاثاء الموافق 15 أبريل 2025، شهدت أسعار مختلف أنواع الأسماك ارتفاعات متفاوتة أثارت استياء المواطنين الذين يعتمدون على الأسماك كمصدر أساسي للبروتين في هذه المدينة الساحلية التي لطالما اشتهرت بوفرة منتجاتها البحرية وأسعارها المعقولة.

تفاوت أسعار الأسماك في عدن:

كشفت متابعة ميدانية للأسعار في أسواق العاصمة عدن عن تفاوت كبير في أسعار الأسماك، حيث بلغ سعر كيلوغرام سمك الثمد 10,000 ريال يمني، وهو السعر نفسه الذي سجله سمك البياض. 

ويشير مراقبو الأسواق إلى أن هذه الأسعار تمثل ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بما كانت عليه في الأشهر السابقة، مما جعل هذين النوعين من الأسماك الشعبية يخرجان عن متناول شريحة واسعة من المستهلكين. 

وفي تصريحات لباعة محليين، يبدو أن موسم الصيد الحالي لم يأت بالكميات المتوقعة من هذين النوعين، مما ساهم في رفع أسعارهما بشكل استثنائي.

وبحسب البيانات المتاحة من سوق الأسماك المركزي في عدن، فقد وصل سعر كيلوغرام سمك السخلة إلى 18,000 ريال، بينما قفز سعر سمك الديرك إلى مستوى قياسي بلغ 24,000 ريال للكيلوغرام الواحد. 

وأشار تجار محليون إلى أن سمك الديرك، الذي يعتبر من الأصناف المفضلة لدى سكان المدينة، أصبح سلعة فاخرة تقتصر على الطبقات ذات الدخل المرتفع فقط. 

وتعكس هذه الأسعار الجديدة حالة من عدم الاستقرار في سوق الأسماك الذي كان يعتبر في السابق ملاذاً آمناً للعائلات ذات الدخل المحدود التي تعتمد على الأسماك كبديل أرخص للحوم الحمراء.

أسباب ارتفاع الأسعار

تتعدد العوامل التي أدت إلى هذا الارتفاع الحاد في أسعار الأسماك بالعاصمة عدن، وتأتي في مقدمتها التحديات المناخية التي تواجه الصيادين في الفترة الأخيرة. 

وقد أوضحت مصادر محلية في قطاع الصيد البحري أن التغيرات المناخية وارتفاع درجات حرارة مياه البحر أثرت سلباً على هجرة بعض أنواع الأسماك المحلية، مما أدى إلى تراجع كميات الصيد اليومية بشكل ملحوظ. 

وفي هذا السياق، صرح أحد الصيادين القدامى في ميناء عدن بأن "الظروف المناخية المتقلبة باتت تشكل تحدياً حقيقياً أمام عمليات الصيد التقليدية، مما يجبرنا على الإبحار لمسافات أبعد وتكبد مصاريف إضافية".

بالإضافة إلى ذلك، تلعب تكاليف التشغيل المتزايدة دوراً محورياً في رفع أسعار الأسماك. فقد أفاد عدد من أصحاب قوارب الصيد بأن أسعار الوقود والزيوت ومعدات الصيد شهدت ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الماضية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على تكلفة رحلات الصيد. 

وترتبط هذه الزيادة في التكاليف أيضاً بالوضع الاقتصادي العام في البلاد وتدهور قيمة العملة المحلية. كما ذكرت مصادر في جمعية الصيادين أن "ارتفاع تكاليف صيانة القوارب ومحركاتها بنسبة تجاوزت 40% مقارنة بالعام الماضي جعل استمرار العمل في مهنة الصيد أمراً صعباً دون رفع أسعار المنتجات البحرية".

وفي الوقت نفسه، تشير تقارير محلية إلى وجود ممارسات احتكارية من قبل بعض الوسطاء في سلسلة توريد الأسماك، حيث يقوم عدد محدود من التجار بالسيطرة على كميات كبيرة من الإنتاج اليومي والتحكم في طرحها بالأسواق، مما يساهم في خلق فجوة بين العرض والطلب. 

ونتيجة لذلك، يضطر المستهلك النهائي لدفع أسعار مضاعفة مقارنة بما يحصل عليه الصياد من قيمة فعلية لمنتجه. وفي هذا الصدد، أوضح مراقبون اقتصاديون أن "غياب الرقابة الفعالة على الأسواق وعدم تفعيل آليات منع الاحتكار قد ساهم بشكل كبير في تفاقم أزمة الأسعار".

تأثير الأسعار على المستهلكين

تركت الزيادة الكبيرة في أسعار الأسماك آثاراً سلبية عميقة على شرائح واسعة من المستهلكين في عدن، خاصة ذوي الدخل المحدود والمتوسط. 

وفي استطلاع سريع لآراء المواطنين في سوق الأسماك المركزي، عبر العديد منهم عن صدمتهم من المستويات الجديدة للأسعار واضطرارهم إلى تقليص استهلاكهم من الأسماك التي كانت تشكل وجبة أساسية على موائدهم. 

وأشار أحد المواطنين قائلاً: "كنا نعتمد على الأسماك مرتين أسبوعياً على الأقل كبديل صحي واقتصادي للحوم، أما الآن فقد أصبحت من الكماليات التي لا يمكننا تحملها سوى مرة واحدة في الشهر".

وعلى صعيد النمط الغذائي، أدى ارتفاع أسعار الأسماك إلى تغيير ملحوظ في عادات الاستهلاك لدى العائلات العدنية، حيث اضطر الكثيرون للجوء إلى بدائل أقل قيمة غذائية. 

وفي هذا السياق، أوضحت دراسة أجرتها إحدى المنظمات المحلية المعنية بالأمن الغذائي أن تراجع استهلاك الأسماك قد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية الأساسية كالأوميغا 3 واليود والبروتين عالي القيمة، خاصة لدى الأطفال والنساء الحوامل. 

كما أفاد أخصائيون في التغذية بأن "البدائل المتاحة للبروتين الحيواني في ظل الارتفاع العام للأسعار محدودة جداً، مما قد يتسبب في مشكلات صحية على المدى المتوسط والبعيد".

وبالتوازي مع ذلك، بدأت تظهر تداعيات اقتصادية على قطاع المطاعم والمنشآت السياحية في عدن، التي تعتمد بشكل رئيسي على المأكولات البحرية كعنصر جذب للزوار المحليين والدوليين. فقد اضطر العديد من أصحاب المطاعم إما لرفع أسعار أطباق الأسماك بنسب تتراوح بين 30-50% أو تقليص حجم الوجبات المقدمة للزبائن. 

وفي هذا الإطار، أكد أحد أصحاب المطاعم الشهيرة في كورنيش عدن أن "استمرار ارتفاع أسعار الأسماك بهذا المعدل سيؤدي حتماً إلى تراجع الإقبال على المطاعم وتسريح العاملين فيها، مما سيضاعف من حدة التحديات الاقتصادية في المدينة".

مع تواصل أزمة ارتفاع أسعار الأسماك في عدن، تتزايد المطالب بتدخل حكومي عاجل لضبط آليات السوق ومكافحة الممارسات الاحتكارية. 

ويرى خبراء اقتصاديون أن معالجة هذه الأزمة تتطلب استراتيجية متكاملة تشمل دعم قطاع الصيد التقليدي، وتنظيم عمليات التسويق، وتفعيل الرقابة على الأسواق. 

وفي غياب مثل هذه الإجراءات، يبدو أن المستهلك العدني سيظل يعاني من ارتفاع أسعار ما كان يوماً مصدراً رئيسياً لغذائه، في وقت تتفاقم فيه الأعباء المعيشية وتنخفض القدرة الشرائية للمواطنين.

اخر تحديث: 19 أبريل 2025 الساعة 12:15 صباحاً
شارك الخبر