الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٧ مساءً

تعز .. قضية ما تحلمها اليمن

اسكندر شاهر
السبت ، ١٢ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٤١ مساءً
تعز .. شاءت الأقدار أن تتحمل مسؤولية أي تغيير يحدث في اليمن ، تفكر نيابة عن اليمن وتتعلم نيابة عنها وترسم ملامح الثورات وتقدم الأحرار وتوهب الشهداء نساءًا وأطفالاً وشيوخاً .. تحلُم ولا تحكُم ، وإن حكمت فإنما من رتبة الثقافة ومنزلة السياسة ومعراج الإدارة .

كل شيء يمكن تفسيره بحسابات عديدة للصراع المحموم على السلطة في صنعاء موطن الجنود الحُمر وعاصمة صالح التي ارتقى إليها من تعز حينما كان تيساً للضباط وقبل أن يتحول في غفلة من الزمن إلى ديناصور متوحش ينتقم من تعز كما لم ينتقم من غيرها ، ولكن الانتقام من تعز لا تفسره إلا الثورة ، والثورة وحدها .

لم يقدر صالح على آل الأحمر في الحصبة ولا على أحمر الفرقة المدرعة فوجّه مدافعه إلى تعز وساحة حريتها ليصب جام غضبه وقهره على سلطة يتشبث بها ويُبعث من القبر ليغازلها مجدداً ، ولماذا يقدر عليهم وقد قدموا له ولأبنائه خدمة تاريخية باقتحامهم لغمار الثورة ما مكّن حكمه المترنح من البقاء طيلة كل هذا المدة والتي منها فترة غيابه عن البلد لثلاثة أشهر؟!؟.

لعله – تحديداً – يوم أمس الجمعة الموافق 11 / 11/ 2011م ، أراد أن ينتقم من الرقم إحدى عشر ، الرقم المخيف والمرعب ، ولا ريب فهو ما إن يتذكر مأزقه الراهن وأزوف موعد خروجه من دار الرئاسة إلى غير رجعة يتذكر 11 فبراير التاريخ الذي جعلت منه تعز عنواناً لتغيير مفصلي عظيم باندلاع شرارة الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي حرضت أكثر من 17 محافظة على الانتفاض ومحاكاة الربيع العربي ومصافحة الحراك الجنوبي الذي سبق الجميع منذ 7/7/2007م ، تعز قررت نيابة عن المحافظات الشمالية أن تجترح التغيير بأي ثمن لتنقذ أمة من نفق مظلم طال مديداً ، ولتكن تعز كما كانت ولاّدة الثورات وملهمتها إيذانا بقيام الجمهورية الرابعة بعد الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية اليمنية .

من المؤكد أن الجنود الحُمر يعيشون اليوم حالة لا يحسدون عليها وهم يقتربون من النهاية الحتمية ولاسيما بعد رفع شعار ( إرحلوا جميعاً ) الذي وضع حداً للمزايدين والثورجيين ممن يمتلكون منازل تحت الأرض تقاوم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ويضعون الشباب بصدورهم العارية في مقدمة المواجهة ليدفع الأبرياء العزل ثمن تصفية حسابات الديناصورات التي لا تنضب ، ولئن كان لصراعهم تفسيراً في أحياء صنعاء وفي ساحة التغيير التي تم تطويقها لعشرة أشهر بحجة حمايتها بالمدرعة وإعطاء الذريعة لصالح وأبنائه لقتل المعتصمين الذين يعلنوها سلمية .. سلمية ، فلا شك أن لا تفسير لما يحصل لتعز .. محرقة ساحة الحرية .. واليوم مجزرتها مجددا وتباعا سوى أنها (الثورة عليهم جميعاً).

الآن وبدون مناورة سنكشف أن صالحاً ليس وحده من يقتل تعز .. فلقد سمعنا عن أصوات متشنجة قذفت ثوار السائلة بكل القبائح كتعبير واضح عن غضبهم لخروج الثورة عن قيدهم المحكوم بساحة التغيير (المدرعة) وإعلانهم شعار ( إرحلوا جميعاً ) فماذا سيكون موقفهم – والحال هذه- من تعز التي لا يمكن أن يقيدها جمهوري أو مركزي أو مدرع .. لا شك أنهم جميعاً في هذه متفقون تماماً كماهم متفقون على الحصانة للقتلة ، فكيف يمكن محاكمة صالح دون محسن وبينهما الأحمر .. ؟!! .

إنهم يختزلون الوطن بأسمائهم ولونهم الوحيد ، وتعز تقول لهم بأن الوطن على موعد مع يمن بلا ألوان ، كالماء الذي حرموها منه طيلة عقود .. تلك تعز العطشى والجذلى .. تعز القضية التي ما تحمّـلها اليمن .