السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٠ صباحاً

القبيلة والدولة المدنية

عبدالله بن عامر
السبت ، ٠٥ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٣٠ صباحاً
القبيلة والدولة المدنية عنوان أتسع للكثير من الكُتاب والنقاد بل والسياسيين وما يثير الدهشة هي حالة الإجماع حول التناقض المُفتعل بين المدنية والقبيلة لا لشيء بل لأن القبيلة كموروث حضاري وتراث ثقافي لم تستطع حتى اللحظة الذوبان في إطار إجتماعي واحد يعبر عن الواجهه القانونية والكيان السياسي للدولة .

القليل فقط هم من آمنوا بأن لا خلاف بين المدنية والقبيلة في حال تمكن الدولة من إقامة مشروعها الحضاري القائم على أسس من المدنية والعدل ولعل غياب التجربة هو ما دفع الفريق الداعي لإقصاء القبيلة في إطار مشروع الدولة المدنية الى تبنى وجهة نظرهم فالقبيلة سرعان ما تذوب في إطار المشروع المدني لأن دورها في التنظيم الإجتماعي يأتي في تلك اللحظات التي يغيب فيها مشروع الدولة وقد يتسع وينحصر دور القبيلة حسب درجة حضور الدولة بمؤسساتها وأفرادها والعكس صحيح .

الكثير من الكتاب والسياسين وبلا خلفية معرفية حول علاقة القبيلة والدولة يذهبون الى حد المطالبة بإلغاء القبيلة بمبررات إقامة الدولة المدنية ويبدو أن تدخل القبيلة في صناعة القرار على مدى العقود الماضية دفع اولئك الى تبنى تلك الرؤية التي لا تعبر إلا عن قصر نظر وحالة ردة فعل آنية وليست قائمة على دراسات وتجارب منطقية يمكن الإهتداء بها أو الإعتماد عليها .

إن القبيلة اليمنية تؤكد عمق تجربتها التاريخية في صناعة القرار والتحولات التاريخية إبتداءً من صنع الثورات والإستجابة الفورية لأي مشروع يحمل بصمات تنويرية وتقدمية ويسعى الى تحقيق التغيير وهذا لا يعبر إلا عن حجم الوعي الذي أدركة كافة اليمنيون بمن فيهم تلك القبائل التي بدت في صدارة المشهد الثوري ومتأثرة تماماً بالتطور الهائل بتكنولوجيا الإتصال والإعلام .

إن حالة المزج والتماهي بين مشروع الدولة والقبيلة هو أن الأخيرة سرعان ما تذوب في الأولى وتستظل بظلالها لأن غياب إحداها يقتضي حضور الأخرى كمرجعية وكيان لا بد منه فيما حضور الدولة لا يعني غياب القبيلة لان القبيلة هي في نهاية الأمر المكون الرئيسي للدولة وقبل ذلك هي عبارة عن ثقافة وعادات وتقاليد لا ينبغي التفريط بها وإلا سنكون أمام حالة من عدم التوازن القيمي والإنساني بل ويبدو وكأننا نجرد انفسنا من موروث قيمي غني يحقق التضامن والتكافل ويشيع ثقافة الترابط ونجدة المظلوم

لعل السؤال المطروح خلال المرحلة القادمة سيكون عن طبيعة دور القبيلة في إطار الدولة المدنية وليس السعي إلى الغائة تماماً وهذا لا يمكن بفعل عدة عوامل إلا أن البحث وراء تطويع دور القبيلة وتكييفة بما يتناسب مع المشروع الوطني الشامل هو المهمة التي ينبغي الإناطة بها خلال الفترة القادمة .