الرئيسية / كتابات وآراء / عناد بنت ( بلطجيّة )

عناد بنت ( بلطجيّة )

حمد مطارد علي
الجمعة , 04 نوفمبر 2011 الساعة 07:30 مساء
اخترت هذه \" الفكاهة الثورية \" كي أضفي على الوقت شيء من المرح والابتسام .. أحببت أن أغير الكلام عن الساسة و السياسة.. حتى وأن لم أذهب بعيداً , فحديثي الآن .. سيكون عن سياسة من نوع آخر .. سيكون عن سياسة براءة.. براءة الطفولة .. علها تكون أمتع من الحديث عن سياسة السياسيين المخضرمين..

*****

أخوها يكبرها بعام تقريباً (قصدي بطلة القصة \"البلطجية\") لكنها شريرة , دوماً تعانده وتعارضه في كل شيء , وفي نفس الوقت فضولية تحب دوماً أن تتدخل في شؤونه الخاصة .. السياسية والاقتصادية والاجتماعية, تحب أن تعرف كل ما يدور في عالم أخوها رغم صغر سنيهما , إذا وجدت بعض المقتنيات وليس معها نفسها .. أما أن تجهز عليها , أو تخفيها , أو تُصَيّح على أبيها حتى يعطيها كأخيها .. تستخرج حقوقها بنفسها شاء من شاء , وأبى من أبى .

كانت تذهب دائماً حين خلسة , تتفحص حقيبة أخاها المدرسية , وجيوب جاكته الصغير , والغرفة وكل شيء , ونادراً ما يكتشفها , من شدت شطارتها .. وحين ما يكتشفها يحتم النزاع ويبدءا الضرب .. قد تقاوم لكن الغلبة دوماً له .

كما أنها كانت بمثابة (جاسوس ) تراقب أخاها وترصد تحركاته , وترفع تقارير لوالدها ولوالدتها .. وتقاريرها الصحيح 10% والباقي خراط أشبه ما يكون بخراط \"قناة اليمن\" .

بدت حمى الربيع العربي تغزوهما داخل البيت , وكان من المؤكد أن يكون هناك تصادم بينهما واختلاف .. أخوها أصبح ثوري متحمس في إسقاط النظام , وهي كانت مع \"النظام\" .. عناد لأخوها ليس أكثر ..

ذات مرة كان أخوها يتمتم بكلمات:\" الشعب يريد إسقاط النظام \".

سمعته فأتت مسرعة .. جلست أمامه وعيناها تحدق في عينية .. فما أن ينطق : \" الشعب يريد إسقاط النظام \".

حتى ترد :\" الشعب يريد علي عبد الله صالح\".

يرفع صوته قليلاً:\" الشعب يريد إسقاط النظام\".

ترفع صوته أكثر : \" الشعب يريد علي عبد الله صالح \".

وهكذا ارتفعت الصيحات أكثر فأكثر , حتى انتفخت أوداجهما , وأحمر وجهيهما , بعدها وقعت المضاربة , ضربها أخوها حتى أبكاها .

أتى الوالد بعد أن سمع البكاء وجلس بالقرب من أبنه وأخذ يسأل : \" لماذا تضرب أختك ؟!.\".

رد الابن : \"هي تعاندني .. بنتك بلطجية \".

اقتربت البنت من والدها , ولوت أحدى يديها على رقبته , وأخذت تتظلم وتشكي وتبكي , وإضافة على ما تقول وهي تشير بسبابتها نحوه أخيها كي تستفزه :\" وهو البلطجي .. من بلاطجة المشترك \".

نظر الوالد لأبنه الصغير نظرت عتاب وقال :\" أنتم جيل المستقبل , وتسعوا للحرية , وحرية الرأي والتعبير , وتريدوا التغيير .. أترك أختك تعبر عن رأيها \".
رد الابن : \" أي حرية رأي .. أنت تدري أنها بس تحب تعاندني \".

- \" طيب وإذا عاندتك أحترم رأيها \".

- \" طيب هي لا تقول (الشعب يريد علي عبد الله صالح) هي مش أم الشعب \".

ردت قبل أن ينطق والدها : \" طيب وأنت لا تقول (الشعب يريد إسقاط النظام ) أنت مش أبو الشعب \".
ضحك الأب وقال : \" من الآن وقدماً إذا أنت تريد تتظاهر أذهب إلى ساحة الجامعة , وهي إذا تريد أن تتظاهر ..تذهب السبعين , البيت لا أسمع فيه كلام من هذا القبيل .. مفهوم \".
أقتنع الابن وسكت , لكن هي لم تقتنع بكلام والدها .. فما أن أنصرف حتى شرعت تستفز أخاها قائله :\"شوف (أنظر) كيف عرفت أسكتك ..أيّواه .. أتحداك تتظاهر \".
أخوها مستهتراً :\" كيف أتظاهر يا بلها ؟!\".

- \" أعني تصيّح \".

- \" كيف أصيح؟!\".

- \" يعني تقول ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وأخذت تكرر وتتحدى .. وهي تشعر وكأنها حققت انتصار عظيم ..
أشطاط غضب أخوها فصرخ بأعلى صوته :\" الشعب يريد إسقاط النظام \".

هرولت مسرعة إلى أباها كـ(القطوه) وهي تقول :\" هو .. هو .. يتظاهر داخل البيت (تقصد أخاها) .. أنت سمعته \".
ضحك أباها وقال أنتي فيك شيء من مكر (النظام),وتشبهيه في كل تصرفاتك , فعلاً صدق أنتي بلطجية , لماذا تذهبِ عنده ؟! أكيد تعانديه , أتركي أخاكِ يتظاهر في غرفته , وأنتِ أتظاهري في غرفتك , لا تمشي إلى عنده إلا وأنتي تحترميه و راية , وإن تضاربتِ معه حملتك المسؤولية , وهو إذا أتى إلى غرفتك يعاندك وضاربك حملته المسؤولية , هذا هو الحل \".
انصرفت وكأن الكلام لم يعجبها , لكنه كان حل موفق , أوقفها عن معاندة أخوها , حتى أعلنت أنظماهما رسمياً للثورة , بعد استشهاد الطفل أنس ..