جميل أن يطالب نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية بقرار عربي واضح وحاسم لمواجهة الإرهاب عبر حملة عسكرية وسياسية.
جميل أن يتحدث نبيل العربي من الأساس، حتى وإن كان يردد مفردات وعبارات رئيس دولة المقر القادم إلى الحكم محمولا على ظهر الإرهاب، مترجلا فوق دماء آلاف الجثث، في واحدة من أبشع عمليات الإرهاب التي مارستها سلطة انقلاب ضد قطاع من شعبها.
بل جميل أن يتردد اسم "جامعة الدول العربية" في نشرات الأخبار وعناوين الصحف والمواقع الإلكترونية، بعد أن كاد جيل عربي كامل ينسى هذا الاسم، والأجمل أن تعود عبارة "قرار عربي" بعد أن صارت المعارك العربية/العربية أشرس وأكثر حضورا من صراع العرب التاريخي مع العدو الصهيوني. جيد أن يتذكر العرب أن لهم جامعة، حتى وإن كانت لصناعة الفرقة أقرب، حتى وإن كانت مجرد لافتة تخص الحكام، ولا تربطها صلة بالمواطن العربي، من قريب أو من بعيد.
لم يكن ينقص تصريح نبيل العربي سوى كلمة "المحتمل" لكي يصبح متماهيا ومتطابقا في الفكر والقول مع من يترأس مصر -بصندوق الذخيرة قبل صندوق الانتخاب- حين طلب من الشعب أن يمنحه تفويضا لقتل وإبادة بعض الشعب.
إن أحدا لا ينكر على "الجامعة" أن تستيقظ فجأة وتسجل حضورا في مواجهة الإرهاب، لكن السؤال هنا: لماذا لا تجرؤ جامعة العرب على الكلام إلا بعد أن تقرر واشنطن، ثم يحشد "الناتو"؟ لماذا لا تتحرك الجامعة ذاتيا في قضية واحدة؟
إن الليلة كالبارحة، وقبل البارحة، أميركا كلما أرادت التدخل عسكريا في منطقة عربية، توقظ الجامعة العربية من سباتها كي تقدم الغطاء القومي اللازم لاتخاذ قرار الضرب.. لم تغب الجامعة عن لعب دور "المحلل" في كل المحطات التي قررت فيها واشنطن وحلفاؤها القيام بمغامرة عسكرية على أرض العرب. وكما قلت بالأمس، هي فرصة لا يفوتها المستبدون القتلة للاكتتاب في تحالف دولي، ينعش الخزائن الخاوية مؤقتا، بإسقاط ديون وأقساط قروض، وإسقاط جرائم ضد الإنسانية ثابتة بالأدلة والتقارير الدولية المحايدة.
وإذ تبدو هذه الهمة من مؤسسة القمة مثيرة للانتباه، فإن مقارنة واجبة تفرض نفسها هنا، وتتعلق بالغياب التام للجامعة في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير على غزة، إلى درجة أن التصريح الوحيد الذي تحتفظ به الذاكرة القريبة للأمين العام نبيل العربي، هو ما أيد من خلاله رواية خارجية سلطة الانقلاب المصرية الخاصة بنفي توجيه الدعوة لرئيس المكتب السياسي لحماس المقاومة -خالد مشعل- للمشاركة في مفاوضات التهدئة بالقاهرة.
وإذا كانت جامعة العرب قادرة على تبني اتخاذ قرارات حاسمة بمواجهة عسكرية وسياسية لإرهاب داعش، فماذا عن إرهاب دواعش الأنظمة ضد الشعوب العربية، ماذا فعلت جامعة نبيل العربي لمواجهة الإرهاب النظامي ضد الشعب السوري، ثم ضد الشعب المصري فيما بعد؟ أتمنى أن نرى هذا الحسم العربي الجامع في مواجهة تفلت نتنياهو وتملص عباس من استحقاقات اتفاق التهدئة الأخير. على الجامعة أن تنشط في تنفيذ الالتزامات بإنقاذ نحو مليوني مواطن عربي من إرهاب تمارسه ضدهم إسرائيل بالتنسيق مع حلفائها العرب!